كل فرقة من الفرق ، يستندون إلى ما جاء في كتب تلك الفرقة وعلى لسان علمائها المعتمدين فيها ، وهذا ما تفرضه طبيعة المناظرة ، وتقتضيه آدابها وقواعدها المقررة.
فاستشهاد الشيعة بخبر من كتاب ... أو استدلالهم بكلام عالم ... لفرقة من الفرق ... لا يعني القبول بكل ما جاء في ذلك الكتاب ، أو على لسان ذاك العالم ... وإنما هو احتجاج على الطرف الآخر بما لا مناص له من الالتزام به ، بعد الاقرار بذلك الكتاب ، وبكون ذلك العالم من علماء مذهبه ...
ويكفي للاحتجاج أن يكون ذلك الخبر المستدل به مقبولا لدى رواته ، وفي نظر المحدث الذي أورده في كتابه ، ولا يشترط أن يكون معتبرا عند جميع علماء تلك الطائفة ، وذلك :
لأن الغرض إثبات أن الذي تذهب إليه الشيعة مروي من طرق الخصم وموجود في كتبه ، وأن الراوي له موثوق به عنده ولو على بعض الآراء ، فيكون الخبر متفقا عليه ، والمتفق عليه بين الطرفين ـ في مقام المناظرة ـ لا ريب فيه.
ولان الخبر أو الراوي المقبول المعتبر لدى كل علماء تلك الطائفة نادر جدا.
نعم ، إذا كان ضعيفا عند أكثرهم لم يتم الاستدلال والاحتجاج به عليهم.
وعلى الجملة ، فإنه يكفي لصحة الاستدلال بكتاب أو بخبر أو بكلام عالم ... ألا يكون معرضا عنه لدى أكثر أئمة الفرقة المقابلة ، وأما أن يرد الاحتجاج ـ بما رواه الراوي الموثق من قبل بعضهم ـ بجرح البعض ... فهذا مما لا يسمع ، وإلا يلزم سقوط أخبار حتى مثل (البخاري) و (مسلم) في كتابيهما المعروفين ب (الصحيحين) لوجود الطعن فيهما وفي كتابيهما ، من غير