وأرسله إلى عماله على البلاد ليعملوا بمقتضاه ، وكتبه شيعته وتوارثوه يداً عن يد ، حتى إذا انتهى الأمر إلى الصادق عليه السلام عرضوه عليه فقال : نعم هو حق وقد كان أمير المؤمنين يأمر عماله بذلك .
ثم عرضوه بعد فترة على الامام الرضا عليه السلام فقال لأحدهم : نعم هو حق ، قد كان أمير المؤمنين يأمر عماله بذلك .
وقال للثاني : هو صحيح .
وقال للثالث : ارووه فانه صحيح .
وقد فرق الكليني في الكافي أحاديثه على أبواب الديات ، وأورده الصدوق كله في باب واحد في كتاب الفقيه ، واورده الشيخ الطوسي كله في التهذيب .
وقد مارس أصحاب أمير المؤمنين وشيعته التدوين ـ كأبي ذر وسلمان الفارسي وغيرهم ـ ولم يبالوا بأمر المنع .
واستمر أمر الشيعة على إباحة التدوين حتى جاء عصر الامام الصادق عليه السلام ، فقد ألقت إليه الاُمة المسلمة بأفذاذ أكبادها ليرتووا من معين علمه .
وبلغ عدد طلاب مدرسته أكثر من أربعة آلاف شخص ، جمع أسماءهم ابن عقدة في كتاب مستقل (١) .
وكتبوا من حديث جده رسول الله صلى الله عليه وآله أربعمائة كتاب عرفت عند الشيعة بالاُصول (٢) الأربعمائة ، وقد تضمنتها الموسوعات الحديثية المؤلفة بعد هذه
__________________
(١) الارشاد للمفيد : ٢٧١ .
(٢) الأصل : عنوان صادق على بعض كتب الحديث خاصة ، كما أن الكتاب عنوان يصدق على جميعها .
وإطلاق الأصل على هذا
البعض ليس بجعل حادث من العلماء ، بل يطلق عليه الأصل بحالة من المعنى اللغوي ، ذلك لأن كتاب الحديث إن كانت جميع أحاديثه سماعاً من مؤلفه عن الامام عليه
السلام ، أو سماعاً عمن سمع من الامام عليه السلام ، فوجود تلك الأحاديث في عالم الكتابة من صنع مؤلفها
وجود أصلي بدوي ارتجالي غير متفرع من وجود آخر ، فيقال له الأصل لذلك ، وإن كان جميع أحاديثه أو بعضها منقولاً
عن كتاب آخر سابق وجوده عليه ، ولو كان هو أصلاً ، وذكر صاحبه لهذا المؤلف أن مروياته عن الامام عليه
السلام ، وأذن له كتابتها وروايتها عنه
=