وأنكر عليه أمير المؤمنين علي عليه السلام ذلك وقال له : أقد هذا الفاسق فقد أتى عظيما ، قتل مسلماً بلا ذنب وثار أمير المؤمنين علي عليه السلام في وجه عبيد الله ، وقال له : لئن ظفرت بك لأقتلنك بالهرمزان (١) .
وقد أنكر على الخليفة أيضا خيار المسلمين وصلحاؤهم هذا العفو ، لأنه كان تعطيلا لحدود الله ، وكان زياد بن لبيد اذا لقي عبيد الله قال له :
الا يا عبيد الله مالك مهرب |
|
ولا ملجأ من ابن أروى ولا خفر |
أصبت دماً والله في غير حله |
|
حراماً وقتل الهرمزان له خطر |
على غير شيء غير أن قال قائل |
|
اتتهمون الهرمزان على عمر |
فقال سفيه والحوادث جمة |
|
نعم اتهمه قد أشار وقد أمر |
وكان سلاح العبد في جوف بيته |
|
يقلبه والأمر بالأمر يعتبر |
وشكاه عبيد الله الى عثمان فدعا زيادا ونهاه عن ذلك فلم ينته ، وتناول عثمان بالنقد فقال :
ابا عمرو عبيد الله رهن |
|
فلا تشكك بقتل الهرمزان |
فإنك ان غفرت الجرم عنه |
|
واسباب الخطا فرسا رهان |
اتعفو اذ عفوت بغير حق |
|
فما لك بالذي تحكي بدان (٢) |
وغضب عثمان على زياد وزجره حتى انتهى .
ثم اخرج عثمان عبيد الله من المدينة الى الكوفة ، وأنزله داراً فنسب الموضع اليه ، فقيل : كويفة ابن عمر (٣) .
وكان عمل الخليفة هذا مخالفاً لحكم الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وآله ، فان الشارع قد الزم الولاة باقامة الحدود وعدم التسامح فيها ، لصيانة النفوس وحفظ النظام ، وليس لحاكم أن يتهاون في هذا الأمر مهما عظم شأن المعتدي .
__________________
(١) أنساب الاشراف القسم الرابع ـ الجزء الأول : ٥١٠ / ١٣٢٢ .
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٦٤ ، تاريخ الطبري ٤ : ٢٤٣ ، والكامل في التاريخ ٣ : ٧٥ .
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٦٤ .