اجتماعية وسياسية من جانب آخر . ثم اتخذ الوضع بعد ذلك صورة اخرى صاغها الوضاعين الزنادقة كعبد الكريم بن ابي العوجاء ، وبيان بن سمعان المهدي فلقد وضعوا ما يفسدوا به الدين ويشوهوا كرامته لدى العقلاء والمثقفين ، ولينحدروا بعقيدة العامة الى درجة من السخف تثير سخرية الملحدين ، كما يقول الدكتور السباعي ، ومن امثلة هذه الاحاديث المكذوبة : « ينزل ربنا عشية عرفة ، على جمل أورق ، يصافح الركبان ، ويعانق المشاة » . « إن الله اشتكت عيناه فعادته الملائكة » . « النظر إلى الوجه الجميل عبادة » . . . ولسنا هنا بصدد الحديث عن الاثار التي ترتبت ـ سابقاً ولاحقاً ـ على عملية الدس والوضع ، ولكن يكفي أن نعرف أن ثاني مصدر تشريعي للاسلام يتعرض لكل هذا ضمن عملية غالبها الاعم الاستهداف والتنظيم ، لكي ندرك مدى جسامة وفداحة الأمر ، وما اصوب ما قاله احدهم ان وضع الحديث على رسول الله كان أشد خطراً على الدين وأنكى ضرراً بالمسلمين من تعصب أهل المشرقين والمغربين ، وإن تفرق المسلمين الى شيع وفرق ومذاهب ونحل لهو أثر من آثار الوضع في الدين (١) .
اما عثمان فكان دوره تواصلياً مع دور الخليفة الثاني في ترسيخ عملية الاجتهاد مقابل النص ، ومن ذلك :
١ ـ اتمام الصلاة في السفر :
فان السنة في الصلاة انها في السفر ركعتين وفي الحضر أربع (٢) .
ولكن عثمان في السنة السادسة من خلافته أتم الصلاة بمنى واتخذ ذلك سنة معتذراً بان الناس قد كثروا في عامهم فصلى اربعاً ليعلمهم ان الصلاة أربع (٣) . وهو اعتذار مهلهل كما ترى .
__________________
(١) اضواء على السنة : ١١٩ .
(٢) صحيح مسلم ١ : ٤٧٩ ، واحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٥١ ، ومسند أحمد ٢ : ٤٥ .
(٣) سنن البيهقي ٣ : ١٤٤ .