أنكر
عليه منه أن يقول في سيف الاسلام ما يقوله ! قال هيكل : ترى
الانصاري ـ يعني أبا قتادة ـ هاله غضب الخليفة فاسكته ؟ كلا ، فقد كانت ثورته على خالد عنيفة كل العنف ، لذلك ذهب الى عمر بن الخطاب فقص عليه القصة ، وصور له خالدا في صورة الرجل الذي يغلب هواه على واجبه ، ويستهين بأمر الله ارضاء لنفسه . قال : واقره عمر على رأيه وشاركه في الطعن على
خالد والنيل منه ، وذهب عمر إلى أبي بكر وقد اثارته فعلة خالد أيّما ثورة ، وطلب اليه
ان يعزله ، وقال ان في سيف خالد رهقاً (١) وحق عليه ان يقيده ولم يكن أبو بكر
يقيد من عماله (٢) ، لذلك قال حين ألح عمر عليه غير مرة : هبه يا عمر ، تأول
فاخطأ ، فارفع لسانك عن خالد . ولم يكتف عمر بهذا
الجواب ، ولم يكف عن المطالبة بتنفيذ رأيه فلما ضاق أبو بكر ذرعا بالحاح عمر ، قال : لا يا عمر ما كنت لاشيم (٣)
سيفاً سلّه الله على الكافرين (٤) . وخالد هذا الذي اصبح
« سيفاً من سيوف الله » ! كان في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله فاتكاً غادراً يؤاخذ في الاسلام بأحن الجاهلية وعداواتها . فقد ارسله ( صلى الله
عليه وآله ) ، داعيا الى الاسلام (٥) ، ولم يبعثه مقاتلاً ، وكان بنو جذيمة قتلوا في الجاهلية عمه الفاكه بن المغيرة . فلما جاءهم بمن معه قال لهم
: ضعوا أسلحتكم فان الناس قد أسلموا . فوضعوا اسلحتهم ، وأمر بهم فكتفوا ثم عرضهم على السيف فقتل منهم مقتلة عظيمة (٦) . فلما انتهى الخبر الى النبي ( صلى الله
__________________ (١) الرهق السفه
والخفة وركوب الشر والظلم وغشيان المحارم . (٢) وهذا من اجتهاده
مقابل النص فان الله تعالى يقول « وَكَتَبْنَا
عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ » ( الآية ) . (٣) اشيم : اغمد
والشيم يستعمل في كل من السَل والاغماد . (٤) النص والاجتهاد
١٤٠ ـ ١٤١ ـ عن الصديق أبو بكر لمحمد حسين هيكل ١٤٧ فما بعد . (٥) في ثلثمائة من
المهاجرين والأنصار ، وكان ذلك في شوال بعد فتح مكة وقبل وقعة حنين . (٦) لم يقتصر خالد
هنا على مخالفة النص الصريح في عهد النبي اليه في بني جذيمة ، بل كان في بطشته =