ثم إن البديل الثقافي الذي اقترحه المؤلف لا يمكن أن يكون هو الشريعة الجارية في الحضارة الغربية المعاصرة ، لفراغها وتنافيها من أبسط القيم والمبادئ البشرية وسقوطها وخروجها عن أبسط قواعد المنطق والعدل ، وإن تظاهر الغربيين بدعوى حقوق الإنسان ، والحرية ، والمساواة بين البشر ، وبين المرأة والرجل ، ليس إلا إعلانا يستخدمونه ضد الأديان والشعوب الشرقية ، لتضحيل ثقافاتهم ، وتفريغهم من شرائعهم وأصول حضاراتهم المبتنية على التقاليد والأعراف الخاصة بهم ، ودفعهم إلى التبعية الحضارية للغرب المستهتر بالقيم والمبادئ ، وحقوق الإنسان والرجل والمرأة ، والمعتمد على القوة والإكراه والسطو والقهر.
إن العلمانيين ـ بمثل ما قام به المؤلف ـ ليسوا إلا أبواقا مزيفة مأجورة للدعاية الغربية ، وأيد عملية للحضارة الغربية في تزييف الإسلام وعقيدته وشريعته ، يقومون بما قام به المستشرقون من قبل بأسم الدراسات العلمية والجامعية ، وما قام به الرتل الخامس من أعمال تخريبية ضد الشعوب الأخرى ، ولكن بلسان عربي ، وبأقلام عربية ، بدعوى صلته بالإسلام من خلال دراسة مصادره وتراثه وفكره وشريعته ، وما هم إلا أجانب بعداء عن هذا الشعب وهذا الدين وهذا التراث.
إن قراءتنا هذه أثبتت زيف كل هذه الدعاوى الباطلة ، بالحياد والتجرد ومعرفة التراث الإسلامي ، بهدف تزييفه ونقده ودراسته! إن عنوان (تدوين السنة) ليس إلا قناعا يراد به السيطرة على قول القراء ، وليس محتواه إلا (تزييف الشريعة) وقطع أصولها وتسخيف أحكامها ، ولكن أخفق المؤلف في مسعاه ، لأنه لم يعرف (من أين تؤكل الكتف) كما يقول المثل المشهور.
(والله المستعان على ما يصفون).