وسنحاول فيما يلي أن نرصد حركة نشر التراث العربي الإسلامي في أوروبا على عجل ، بالتعرف على أبرز المؤلفات التي عمل على نشرها المستشرقون منذ القرن السادس عشر.
يعد كتاب (البستان في عجائب الأرض والبلدان) لمؤلفه سلاميش بن كند غدي الصالحي ، أقدم كتاب عربي نشر في روما عام ١٥٨٥ م ، على يد الطباع البندقي بازا ، وكان هذا الكتاب هو الكتاب العربي الأول المطبوع هناك ، بعد أن كانت المطبوعات العربية الأولى مقتصرة على المنشورات الكنسية (٢٤).
وكانت (أول مطبعة عربية في أوروبا هي تلك التي أمر بإنشائها الكردينال فرنندودي مدتشي ، كبير دوقات توسكانا ، وكان يرئس هذه المطبعة ، التي كان مقرها في روما ، شاب إيطالي من بلدة كريمونا ، يدعى جيوفني بتستا رايموندي ، الذي أقام في المشرق فترة طويلة ، ويحتمل أنه تعلم العربية ، وعلى كل حال ، فإنه اهتم بالخطوط العربية ، والحروف العربية وخصائصها ، فاستطاع أن يصنع حروفا عربية مختلفة الأوضاع : مفردة ، متصلة بما قبلها ، متصلة بما بعدها ، في آخر الكلمة ، وأتم حفر وتقطيع هذه الحروف العربية المتحركة المرسومة رسما جميلا ، وابتداء من ٦ سبتمبر ١٥٨٦ اشتغلت المطبعة في جمع وطبع أول إنتاج لها ، وهو كتاب (القانون) لابن سينا ، ومعه (كتاب النجاة) الذي هو مختصر (الشفاء) ، وتم إنجاز طبع (القانون) ومعه (النجاة) في ١٥٩٣) (٢٥) ، وقد حمل غلاف الكتاب المطبوع هذا العنوان : (كتب القانون في الطب ، لأبي علي الشيخ الرئيس ابن سينا ، مع بعض تأليفه وهو : علم المنطق وعلم الطبيعي وعلم الكلام).
__________________
(٢٤) حمادة ، محمد ماهر ، مصدر سابق. ق ١ : ص ٢٤٨.
(٢٥) بدوي ، د. عبد الرحمن. مصدر سابق. ص ٥٥١.