والطريق إلى ذلك الكمال لا يخلو : إما أن يفعله هو ، (أ) وأن يعلمنا الطريق إليه :
ومن يفعله هو ، لا يخلو :
إما أن يفعله ـ أولا ـ لا من شئ ويسمى ذلك الفعل مخترعا.
أو يخلق شيئا من شئ وهو المتولد.
والمخترع يكون مبدأ المتولد ، لأنه لا بد وأن يبتدئ أولا ، ثم يخلق منه شيئا.
فقد عرفت ـ حينئذ ـ أن الملائكة ملأ خلقهم الله ـ تعالى ـ لا عن شئ لما علم أن كنه قدرة البشر لا يبلغ أدنى أثر ، جعل الملائكة واسطة المتولدات وهم الذين ذكرهم الله في كتابه : من حملة عرشه وسكان سماواته والذاريات والمرسلات وغيرهم ، ممن لا يعلمهم إلا الله ـ تعالى ـ كما قال : (... وما يعلم جنود ربك إلا هو ...) (الآية (٣١) من سورة المدثر (٧٤)).
والمقصود من هذا : أن العبد لا يصل إلى كماله ونجاته إلا :
إما بفعله : كخلقه.
(أ) وبعث الملائكة إلى ما يحتاج إليه ، وإعلامه بأن كماله فيما هو؟
وهو الكلام في النبوات.