الشك والتجويز.
والفرق بعد هذا ـ بين وجوده غائبا من أجل التقية ، وخوف الضرر من أعدائه ، وهو في أثناء ذلك متوقع أن يمكنوه ويزيلوا خيفته فيظهر ويقوم بما فوض إليه من أمورهم ، وبين أن يعدمه الله تعالى ـ جلي واضح :
لأنه إذا كان معدوما ، كان ما يفوت العباد من مصالحهم ، ويعدمونه من مراشدهم ، ويحرمونه من لطفهم وانتفاعهم به منسوبا إليه تعالى ، ومعضوبا (٨١) لا حجة فيه على العباد ، ولا لوم يلزمهم ولا ذم.
وإذا كان موجودا مستترا بإخافتهم له ، كان ما يفوت من المصالح ويرتفع من المنافع منسوبا إلى العباد ، وهم الملومون عليه المؤاخذون به.
فأما الإعدام فلا يجوز أن يكون سببه إخافة الظالمين ، لأن العباد قد يلجئ بعضهم بعضا إلى أفعاله.
[الفرق بين استتار النبي وعدم وجوده]
على أن هذا ينقلب عليهم في استتار النبي (صلىاللهعليهوآله وسلم) (٨٢) فيقال لهم : أي فرق بين وجوده مستترا وبين عدمه؟! فأي شئ قالوا في ذلك أجبناهم بمثله.
__________________
(٨١) كان في «ب» : ومعصوما. وفي «ج» : ومعضوبا به.
والمعضوب من الرجال : الضعيف ، والعضب : القطع ، ورجل معضوب اللسان إذا كان مقطوعا ، عييا ، فدما.
أنظر : الصحاح ١ / ١٨٤ ، لسان العرب ١ / ٦٠٩ ـ عضب.
والظاهر أن جملة «ومعضوبا ...» جواب ثان ل «إذا ...» المتقدمة.
(٨٢) في «أ» : عليه الصلاة والسلام.