بلالا فليصل بالناس) (١٤٩).
وقد كان من قبل قد استخلف ابن أم مكتوم ـ وهو مؤذنه ـ في الصلاة بالناس كما عرفت.
٥ ـ قوله : إنكن لصويحبات يوسف :
وجاء في الأحاديث أنه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لعائشة وحفصة : (إنكن لصويحبات يوسف!) وهو يدل على أنه قد وقع من المرأتين ـ مع الالحاح الشديد والحرص الأكيد ـ ما لا يرضاه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ... فما كان ذلك؟ ومتى كان؟
إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لما عجز عن الحضور للصلاة بنفسه ، وطلب عليا فلم يدع له ـ بل وجد الالحاح والاصرار من المرأتين على استدعاء أبي بكر وعمر ـ ثم أمر من يصلي بالناس ـ والمفروض كون المشايخ في جيش أسامة ـ أغمي عليه ـ كما في الحديث ـ وما أفاق إلا والناس في المسجد وأبو بكر يصلي بهم ... فعلم أن المرأتين قامتا بما كانتا ملحتين عليه ... فقال : (إنكن لصويحبات يوسف) ثم بادر إلى الخروج معجلا معتمدا على رجلين ، ورجلاه تخطان في الأرض ... كما سيأتي.
فمن تشبيه حالهن بحال صويحبات يوسف يعلم ما كان في ضميرهن ، ويستفاد عدم رضاه صلىاللهعليهوآلهوسلم يفعلهن مضافا إلى خروجه ...
فلو كان هو الذي أمر أبا بكر بالصلاة لما رجع باللوم عليهن ، ولا بادر إلى الخروج وهو على تلك الحال ...
ولكن شراح الحديث ـ الذين لا يريدون الاعتراف بهذه الحقيقة ـ اضطربوا
__________________
(١٤٩) بغية الطلب في تاريخ حلب. مخطوط. الورقة ١٩٤ ، لكمال الدين ابن العديم الحنفي ، المتوفى سنة ٦٦٠ ه.
ترجم له الذهبي واليافعي وابن العماد في تواريخهم وأثنوا عليه. وقال ابن شاكر الكتبي : (كان محدثا فاضلا حافظا مؤرخا صادقا فقيها مفتيا منشئا بليغا كاتبا محمودا) فوات الوفيات ٢ / ٢٢٠.