وملابساتها من خلال كتب الحديث والتاريخ والسيرة .. وهي وجوه قوية معتمدة ، تفيد ـ بمجموعها ـ أن القضية مختلقة من أصلها ، وأن الذي أمر أبا بكر بالصلاة في مقام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في أيام مرضه ليس النبي بل غيره ...
فلنذكر تلك الوجوه باختصار :
١ ـ كون أبي بكر في جيش أسامة :
لقد أجمعت المصادر على قضية سرية أسامة بن زيد ، وأجمعت على أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر مشايخ القوم : أبا بكر وعمرو ... بالخروج معه ... وهذا أمر ثابت محقق ... وبه اعترف ابن حجر العسقلاني في (شرح البخاري) وأكده بشرح (باب بعث النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم أسامة بن زيد رضياللهعنهما في مرضه الذي توفي فيه) فقال : (كان تجهيز أسامة يوم السبت قبل موت النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم بيومين ... فبدأ برسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم وجعه في اليوم الثالث ، فعقد لأسامة لواء بيده ، فأخذه أسامة فدفعه إلى بريدة وعسكر بالجرب ، وكان ممن انتدب مع أسامة كبار المهاجرين والأنصار منهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة وسعد وسعيد وقتادة بن النعمان وسلمة بن أسلم ، فتكلم في ذلك قوم ... ثم اشتد برسول الله وجعه فقال : أنفذوا بعث أسامة).
وقد روي ذلك عن الواقدي وابن سعد وابن إسحاق وابن الجوزي وابن عساكر ... (١٤٠).
فالنبي صلى الله عليه (وآله) وسلم أمر بخروج أبي بكر مع أسامة ، وقال في آخر لحظة من حياته : (أنفذوا بعث أسامة) بل في بعض المصادر (لعن الله من تخلف عن بعث أسامة) (١٤١).
__________________
(١٤٠) فتح الباري ٨ / ١٢٤.
(١٤١) الملل والنحل ١ / ٢٩ لأبي الفتح الشهرستاني ، المتوفى سنة ٥٤٨ ه ، توجد ترجمته والثناء عليه في : وفيات الأعيان ١ / ٦١٠ ، تذكرة الحفاظ ٤ / ١٠٤ طبقات الشافعية للسبكي ٤ / ٧٨ ، شذرات الذهب ٤ / ١٤٩ ، مرآة الجنان ٣ / ٢٨٩ وغيرها.