قال ابن الجوزي في المنتظم ٧ / ٢٠٦ في حوادث سنة ٣٨٩ ه : والكامل لابن الأثير ٩ / ١٥٥ «وقد كانت جرت عادة الشيعة في الكرخ وباب الطاق بنصب القباب وتعليق الثياب وظهار الزينة في يوم الغدير ، وإشعال في ليلته ونحر جمل في صبيحته ، فأرادت الطائفة الأخرى أن تعمل في مقابلة هذا شيئا! فادعت اليوم الثامن من يوم الغدير كأن اليوم الذي حصل النبي صلى الله وعليه وسلم في الغار وأبو بكر معه! [على أنه لا خلاف أن الهجرة كانت في ربيع الأول] فعملت فيه مثل ما عملت الشيعة في يوم الغدير! وحصلت بإزاء يوم عاشوراء يوما بعده بثمانية أيام نسبته إلى مقتل مصعب بن الزبير وزارت قبره بمسكن! كما يزار قبر الحسين عليهالسلام!!»
أقول : وليت الطائفة الأخرى وقفت عند هذا الحد ، ولم تتجاوزه إلى مجازر طائفية مؤلمة مؤسفة ، قال ابن الجوزي في المنتظم ٧ / ١٦٣ في حوادث سنة (٣٨١) ه : «وفي اليوم الثامن (١٢٥) عشر من ذي الحجة ، وهو يوم الغدير ، جرت فتنة بين أهل الكرخ وباب البصرة (١٢٦) واستظهر أهل باب البصرة وخرقوا أعلام السلطان ، فقتل يومئذ جماعة ...».
وهكذا كانت هذه الوحشية تتجدد بين فترة وأخرى ، فإذا أحل عاشوراء أقامت الشيعة عزاء الحسين عليهالسلام إمامهم وأبن بنت نبيهم ، الذي قتلوه عطشانا غريبا أقسى قتلة وأفظع جريمة ، قتلوه جهارا نهارا ، هو ومن كان معه من آل محمد صلىاللهعليهوآله ، منعوهم الماء وقتلوا رجالهم ، وذبحوا أطفالهم ، ونهبوا خيامهم وأحرقوها ، وسبوا بنات رسول الله صلىاللهعليهوآله وساقوها ، أسارى من بلد إلى بلد حتى أدخلوها على يزيد السكير في مجلسه العام!
فالشيعة كانت ولا تزال متى ما حل عاشوراء تجددت عندهم هذه الذكريات فتقيم عزاءه وتظهر الحزن عليه ، وكان ذلك أثقل شئ على اليزيديين شيعة آل أبي
__________________
(١٢٥) في المطبوع : الثاني عشر. وهو خطأ مطبعي.
(١٢٦) الكرخ : محلة الشيعة ، وباب البصرة : محلة السنين وهو باب المعظم اليوم.