درجة كافية من الوعي للدين ، وأحكامه ، ومفاهيمه ، وسياساته ، بل كانوا مشغولين بأنفسهم وملذاتهم وتجاراتهم ، فإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها وتركوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم قائما. وقد تعرض كثير من الناس منهم لتهديدات النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحرق بيوتهم ، لأنهم كانوا يقاطعون صلاة الجماعة التي كان يقيمها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالذات ، كما أنه قد كان ثمة جماعة اتخذت لنفسها مسجدا تجتمع فيه ، وتركت الحضور في جماعة المسلمين ، وهو ما عرف بمسجد الضرار ، وقد هدمه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما هو معروف.
وتكون النتيجة هي أنه لا يبقى في ساحة الصراع والعمل السياسي إلا أهل الطموحات ، وأصحاب النفوذ من قريش ، صاحبة الطول والحول في المنطقة العربية بأسرها. بالإضافة إلى أفراد معدودين من غير قريش أيضا.
فكان هؤلاء هم الذين يدبرون الأمور ويوجهونها بالاتجاه الذي يصب في مصلحتهم ، ويؤكد هيمنتهم ، ويحركون الجماهير بأساليب متنوعة ، أتقنوا الاستفادة منها بما لديهم من خبرات سياسية طويلة.
فكانوا يستفيدون من نقاط الضعف الكثيرة التي كانت لدى السذج والبسطاء ، أو لدى غيرهم ممن لم يستحكم الإيمان في قلوبهم بعد ، ممن كانت تسيرهم الروح القبلية ، وتهيمن على عقلياتهم وروحياتهم المفاهيم والرواسب الجاهلية.
كما أن أولئك الذين وترهم الإسلام ـ أو قضى على الامتيازات التي لا يستحقونها ، وقد استأثروا بها لأنفسهم ظلما وعلوا ـ كانوا يسارعون إلى الاستجابة إلى أي عمل يتوافق مع أحقادهم ، وينسجم مع مشاعرهم رأحاسيسهم الثائرة ضد كل ما هو حق وخير ، ودين وإسلام.
وهذا هو ما عبر عنه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حينما ذكر : أن تأخيره إبلاغ أمر الإمامة بسبب أنه كان يخشى قومه ، لأنهم قريبو عهد بجاهلية ، بغيضة ومقيتة ، لا يزال كثيرون منهم يعيشون بعض مفاهيمها ، وتهيمن عليهم بعض أعرافها.
وهكذا يتضح : أن الأخيار والواعين من الصحابة ، مهما كثر عددهم فإن