فلم يكن لهم بد من الرضوخ ، والانصياع. لا سيما بعد أن أفهمهم الله سبحانه :
أنه يعتبر عدم إبلاغ هذا الأمر بمثابة عدم إبلاغ أصل الدين ، وأساس الرسالة. الأمر الذي يعني : العودة إلى نقطة الصفر ، والشروع منها ، وحتى لو انتهى ذلك إلى خوض حروب في مستوى بدر وأحد والخندق ، وسواها من الحروب التي خاضها المسلمون ضد المشركين ، من أجل تثبيت أساس الدين وإبلاغه.
ومن الواضح لهم : أن ذلك سوف ينتهي بهزيمتهم وفضيحتهم ، وضياع كل الفرص ، وتلاشي جميع الآمال في حصولهم على امتياز يذكر ، أو بدونه ، حيث تكون الكارثة بانتظارهم ، حيث البلاء المبرم ، والهلاك والفناء المحتم.
فآثروا الرضوخ إلى الأمر الواقع ، والانحناء أمام العاصفة ، في سياسة غادرة وما كرة ..
ولزمتهم الحجة ، بالبيعة التي أخذت منهم عليهالسلام في يوم الغدير.
وقامت الحجة بذلك على الأمة بأسرها أيضا.
ولم يكن المطلوب أكثر من ذلك.
ثم كان النكث منهم لهذه البيعة ، وذلك بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وإحساسهم بالأمن ، وبالقوة.
(فمن نكث فإنما ينكث على نفسه) (٨٦).
(وليحملن أثقالهم ، وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون) (٨٧).
تذكير ضروري :
وقد يدور بخلد بعض الناس السؤال التالي : إنه كيف يمكن أن نصدق أن يقدم عشرات الألوف على محالفة ما رسمه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لهم في أمر الخلافة
__________________
(٨٦) الفتح ٤٨ : ١٠.
(٨٧) العنكبوت ٢٩ : ١٣ :