إن الزمن ـ مهما امتد بالإسلام ـ لم يكن ليخمد من شعاعه الوهاج ، بل قد أثبت التاريخ أن الإسلام هو الحق الذي يشدده مر الزمان قوة وثباتا ، وهو الحقيقة التي لا يكشف مر الأيام إلا عن ناصع برهانه.
والغدير ، كواحد من أهم أحداث الإسلام ، كذلك ، يظل معه سائرا مسير النور مع الفجر ، والضياء مع النهار.
ولقد أخذ الغدير من اهتمام الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم قسطا كبيرا في يومه الأول ، فجابه به كل التهديدات التي كانت تعترضه والتي وعده الله بالعصمة من أصحابها ، وتحتمل عناء الموقف ، وخطب تلك الخطبة الجامعة الغراء ، في حر الهجير ، وقام بتتويج الأمير ، وأخذ له البيعة من كل الحاضرين ، وأتم الحجة على الجمع أجمعين.
والغدير اكتسب قدسية بما قام به النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في يومه الأول ذلك.
ثم وقع الغدير موقع العناية الفائقة من الأئمة المعصومين من أهل البيت عليهم السلام ، فلم يألوا جهدا في إحيائه وتعظيمه.
وعمل الأئمة عليهمالسلام ـ الذين يعتبر وجودهم امتدادا عمليا لوجود الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ في المحافظة على الإسلام ، ويمثلونه تمثيلا صادقا في بث معارفه وإحياء ذكرياته ، مدعاة للتأمل والبحث.
إن الأئمة الأطهار عليهمالسلام ، فتحوا للغدير حسابا واسعا في حياتهم الكريمة العلمية والعملية ، وهذا البحث يجمع ما ورد من مواقفهم عليهمالسلام من الغدير في كلا المجالين.
ولقد اقتبسنا منهج البحث من الخطوط التي انتهجها الأئمة في مواقفهم تلك من الغدير ، فقسمناه إلى قسمين.
القسم الأول : يتضمن تأكيد الأئمة عليهمالسلام على الغدير ، كحادثة عقائدية مهمة في الإسلام ، فلجأوا إلى الاستدلال به على الإمامة الحقة ، وتثبيت قواعد الحكومة الإسلامية بعد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.