لا .. ليس ثمة مجال لهذا القول : فإن قضية الغدير ، لا تزال ولسوف تبقى هي القضية الأساسية والرئيسية بالنسبة للمسلمين جميعا ، بل وحتى بالنسبة لغيرهم أيضا.
وهي المفتاح والباب الذي لا بد من الدخول منه لحل المشاكل المستعصية الكبرى ، وبعث وبناء الإسلام وقوته ، وحيويته. وبدون ذلك : فإن على الجميع أن يستعدوا للمزيد من المصائب ، وأن يقبلوا ـ شاؤوا أم أبوا ـ باستمرار حالة الضعف والتقهقر ، بل وانهيار بناء الإسلام الشامخ.
خلافة ، أم إمامة! :
وذلك لأن القضية لا تقتصر عل أن تكون مجرد قضية خلافة وحكم ، أي قضية : أن يحكم هذا ، أو يحكم ذاك ، لسنوات معدودة ، وينتهي الأمر ـ وربما يقال إن الذين تصدوا للحكم ، واستأثروا به لأنفسهم قد قصدوا ذلك ، ولكننا نجد شواهد كثيرة قد لا تساعد على هذا الفهم الساذج للأمور ـ.
لا .. لا يقتصر الأمر على ذلك ، وإنما هو يتجاوزه لما هو أهم وأخطر ، حيث قد عمل الحكام الأمويون على تكريس مفهوم الإمامة والخلافة الإلهية في كل شخصية تصدت للحكم. وذلك في نطاق تقديم العديد من الضوابط والمعايير ، المستندة إلى مبررات ذات طابع عقائدي في ظاهره يتم على أساسها اضطهاد الفكر والاعتقاد المخالف ، والتخلص من رجالاته بطريقة أو بأخرى.
وقد سرت تلك المفاهيم المخترعة في الناس ، وأصبحت أمرا واقعا ، لا مفر منه ولا مهرب. ولا ملجأ منه ولا منجى ، وتفرقت الفرق ، وتحزبت الأحزاب ، رغم أن من عدا الشيعة من أرباب الفرق والمذاهب الإسلامية يعتقدون بالخلفاء أكثر مما يعتقده الشيعة في أئمتهم ويمارسون ذلك عملا ، ولكنهم ينكرون ذلك ، ولا يعترفون به ، كما أنهم ينكرون على الشيعة اعتقادهم في أئمتهم ما هو أخف من ذلك وأيسر.