ولا يستقيم قياسه على محلّ الإجماع أعني : إنّ زيدا وعمرو قائم ، لأنّ الأول منصوب بإنّ ، والثاني مرفوع بالابتداء بخلاف : إن زيدا وعمرو قائمان لأنّه يلزم أن يكون قائمان معمولا لإنّ وللابتداء معا وهو باطل (١) ، لأنّه من حيث هو معمول للابتداء لا يكون معمولا لإنّ ، ومن حيث هو معمول لإنّ لا يكون معمولا للابتداء ، وإلّا لزم اجتماع عاملين مختلفين على معمول واحد ، فيلزم أن يكون معمولا لإنّ ، غير معمول لإنّ وهو فاسد ، والمبرّد (٢) من البصريين جوّز العطف بالرفع على اسم إنّ قبل مضيّ الخبر ـ لا لفظا ولا تقديرا ـ بشرط أن يكون اسم إنّ مبنيّا نحو : إنّي وزيد ذاهبان ، لأنّ اسم إن لمّا كان مبنيا لم تعمل فيه إنّ فلم تعمل في الخبر أيضا فيكون الخبر معمولا للابتداء فقط. وقد ثبت بالنصّ عن العرب قولهم : إنك وزيد ذاهبان (٣) وأمّا : إنّ زيدا وعمرو ذاهبان ، فالمبرّد وغيره من البصريين متفقون على امتناعه خلافا للكوفيين ، فإنهم يجوّزون : إنّ زيدا وعمرو ذاهبان برفع عمرو (٤) ، وإذا عطفت على اسم إنّ قبل مضيّ الخبر فالواجب عند البصريين النصب في المعطوف ، وأمّا الخبر فالمختار تثنيته مع الواو حينئذ نحو : إنّ زيدا وعمروا قائمان ، وإفراده مع أو ومع لا ومع ثمّ ومع الفاء نحو : إنّ زيدا أو عمرا قائم ، وإنّ زيدا لا عمرا قائم ، وكذلك مثال ثمّ والفاء ، ولكنّ المشددة (٥) مثل إنّ المكسورة في جواز العطف والرفع على محلّ اسمها بذلك الشرط ، والنصب على اللفظ نحو : كان كذا لكنّ عمرا منطلق وبشر وبشرا ، وإنّما جاز ذلك في إنّ المكسورة وفي لكنّ خاصة لكون كلّ منهما لا يغيّر معنى الجملة بخلاف الأربعة الباقية التي هي أنّ المفتوحة وكأنّ وليت ولعلّ ، فإنه لا يجوز العطف على
__________________
(١) شرح الوافية ، ٣٩٢ والنقل منه مع تصرف يسير وانظر شرح المفصل ، ٨ / ٦٨ وشرح التصريح ، ١ / ٢٢٧ وشرح الأشموني ، ١ / ٢٨٥.
(٢) وكذا نسب إليه في شرح الوافية ، ٣٩٢ وإيضاح المفصل ، ٢ / ١٨١ ، ونسب إلى الفراء في الإنصاف ، ١ / ١٨٦ وشرح التصريح ، ١ / ٢٢٨ ونسب إلى المبرد والكسائي في شرح الكافية ، ٢ / ٣٥٥.
(٣) في الكتاب ، ٢ / ١٥٥ : واعلم أنه ناسا من العرب يغلطون فيقولون : إنهم أجمعون ذاهبون ، وإنك وزيد ذاهبان وفي شرح الوافية ، ٣٩٢ «وهو عند المحققين غلط منهم لأنه خارج عن القياس واستعمال الفصحاء».
(٤) المقتصب ، ٤ / ١١١ وإيضاح المفصل ، ٢ / ١٨١ والإنصاف ، ١ / ١٨٥.
(٥) الكافية ، ٤٢٥.