وأحسن به ، فما أحسنه هي الأصل وهي جملة اسميّة لأنّها مصدّرة بالاسم وهو ما ، وأحسن به معدول عنها وهي جملة فعليّة وأحسن بزيد ، ليس بأمر بل هو عند سيبويه خبر بلفظ الأمر (١) وجاء الخبر بلفظ الأمر كما جاء الأمر بلفظ الخبر في نحو قوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ)(٢) وكما جاء الدّعاء بلفظ الخبر في قولك : رحمك الله ، ويدلّ على أن قولك : أكرم بزيد ، ليس بأمر ، دخول التصديق فيه وخلو الفعل من الضمير الذي يلحق فعل الأمر في المثنّى والمجموع نحو : أحسنا وأحسنوا ، فإنه لا يقال : أحسنا بزيد ، ولا أحسنوا بزيد ، ولا يبنى فعلا التعجّب إلّا مما يبنى منه أفعل التفضيل (٣) لكون كلّ / واحد منهما للمبالغة فلا يبنيان إلّا من فعل ثلاثيّ ليس بلون ولا عيب (٤) ويتوصّل في الممتنع بمثل ما يتوصّل به إلى التفضيل فيقال : ما أشد استخراجه واشدد باستخراجه ، كما قالوا في التفضيل : زيد أشدّ استخراجا من عمرو ، وكذلك تقول : ما أشدّ حمرته وما أقبح عوره ، وقد شذّ نحو : ما أعطاه وما أولاه للمعروف ، وما أفقره وما أكرمه ، وقيل (٥) : إنه مردود من الرباعي إلى أصله الثلاثي ؛ أي من عطا يعطو ، ومن ولي يلي ، ومن فقر وكرم ، ولا يبنى فعل التعجّب إلّا للفاعل دون المفعول نحو قولهم : ما أبغضه إليّ وأحبّه وأشغله ، ولا يتصرّف في صيغتي فعل التعجّب بتقديم ولا تأخير ولا فصل (٦) لكونهما غير متصرفين فلا يقال : ما زيدا أحسن ولا زيدا ما أحسن ، ولا يقال أيضا : بزيد أحسن ولا ما أحسن اليوم زيدا ، وأجاز المازني الفصل بالظرف لما سمع من العرب : ما أحسن بالرجل أن يصدق (٧) ففصل بين أحسن ومعموله بالجار والمجرور ، و «ما»
__________________
(١) الكتاب ١ / ٧٢ وشرح المفصل ، ٧ / ١٤٧.
(٢) من الآية ٢٢٨ من سورة البقرة وفي الأصل أربعة أشهر.
(٣) الكافية ، ٤٢١.
(٤) الكتاب ، ٤ / ٩٧ وشرح الوافية ، ٣٧٣.
(٥) ذهب إلى ذلك الأخفش والمبرد ، ورده ابن يعيش بقوله : وذلك ضعيف ، لأن العرب لم تقل : ما أعطاه إلا والفعل للمعطى ، لأنه منقول من عطوت. وعطوت للأخذ ، وكذلك ما أولاه إنما هو للمولى لا لمن ولي شيئا. ينظر المقتضب ، ٤ / ١٧٨ وشرح المفصل ، ٧ / ١٤٤ وشرح التصريح ، ٢ / ٩١ والهمع ، ٢ / ١٦٦.
(٦) الكافية ، ٤٢٢.
(٧) نسب إلى الجرمي في شرح الوافية ٣٧٣ وإيضاح المفصل ، ٢ / ١١١ وفي شرح الكافية ، ٢ / ٣٠٩ وأجازه