ذكر حروف النّداء (١)
وهي : يا وأيا وهيا وأي والهمزة ، والمراد بها تنبيه المدعوّ ودعاؤه أي طلب إقباله ، فيا أعمّ هذه الحروف استعمالا ، لأنّها تستعمل في القريب والبعيد والمتوسط (٢) وأيا وهيا تختصّان بالمنادى البعيد ، وأي والهمزة بالمنادى القريب لكنّ الهمزة للمنادى الأقرب ، وأمّا وا فتختصّ بالمندوب (٣) حسبما تقدّم ذكره في أوائل الكتاب (٤).
ذكر حروف الإيجاب والتّصديق (٥)
وهي ستة : نعم وبلى وإي وأجل وجير وإنّ ، وإنّما سميّت حروف التصديق والإيجاب لأنّها مصدّقة لما سبقها ، فنعم لتصديق ما سبقها من الكلام وتقريره مثبتا كان أو منفيّا ، استفهاما كان أو خبرا ، تقول لمن قال : قام زيد ، أو ما قام زيد أو لم يقم زيد أو ألم يقم زيد : نعم ، تصديقا لما قاله هذا بحسب اللغة دون العرف ، ألا ترى أنه لو قيل لك : أليس لي عندك كذا مالا ، فقلت : نعم لألزمك القاضي به تغليبا للعرف ، وأمّا بحسب اللغة فلا يلزم شيء لأنّه تصديق لقول ليس لي عليك شيء.
وبلى مختصّة بإيجاب بعد النفي استفهاما كان ذلك أو خبرا تقول في جواب من يقول : لم يقم زيد أو ألم يقم زيد : بلى ، أي بلى قد قام زيد ، ومنه قوله تعالى : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا : بَلى)(٦) أي بلى أنت ربّنا ، ولو قيل في الجواب : نعم كان كفرا (٧) لأنّ
__________________
(١) الكافية ، ٤٢٦.
(٢) شرح المفصل ، ٨ / ١١٨ والهمع ، ١ / ١٧٢.
(٣) وقد تنوب مقام يا في النداء والمشهور استعمالها في الندبة ، شرح الكافية ، ٢ / ٣٨١.
(٤) في ١ / ١٧٠.
(٥) الكافية ، ٤٢٦.
(٦) من الآية ١٧٢ من سورة الأعراف.
(٧) رواية عن ابن عباس ـ رضياللهعنه ـ كما في المغني ، ٢ / ٣٤٦ ، وفي شرح المفصل ، ٨ / ١٢٣ هذا قول النحويين المتقدمين من البصريين ، وقد ذهب بعض المتأخرين إلى أنه يجوز أن تقع نعم موقع بلى ، وهو