وأساطين المذاهب.
وهذا أمر اعترف به جميع المؤرخين حتى المتعصبين منهم ، فلأجل ذلك يأملون موته ، وبزعمهم الباطل يطلبون من الله التخلص منه. فهذا الذهبي في كتابه «العبر في خبر من غير» يقول : «والشيخ المفيد أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان البغدادي الكرخي ، ويعرف أيضا : بابن المعلم ، عالم الشيعة وإمام الرافضة ، وصاحب التصانيف الكثيرة. قال ابن أبي طي في تاريخه ـ تاريخ الإمامية ـ : هو شيخ مشايخ الطائفة ، ولسان الإمامية ، ورئيس الكلام والفقه والجدل ، وكان يناظر أهل كل عقيدة مع الجلالة العظيمة ، في الدولة البويهية.
قال ـ أي ابن أبي طي ـ : وكان كثير الصدقات ، عظيم الخشوع ، كثير الصلاة والصوم ، خشن اللباس. وقال غيره : كان عضد الدولة ربما زار الشيخ المفيد. وكان شيخا ربعة نحيفا أسمر ، عاش ستا وسبعين سنة ، وله أكثر من مائتي مصنف ، كانت جنازته مشهورة ، وشيعه ثمانون ألفا من الرافضة والشيعة والخوارج ، وأراح الله منه [!] وكان موته في رمضان رحمهالله» (١).
ويذكر ابن كثير في تاريخه أن : «عبيد الله بن عبد الله بن حسين أبو القاسم الخفاف ، المعروف بابن النقيب ، كان من أئمة السنة ، وحين بلغه موت ابن المعلم فقيه الشيعة سجد لله شكرا ، وجلس للتهنئة ، وقال : ما أبالي أي وقت مت بعد أن شاهدت موت ابن المعلم» (٢).
نعم ، هكذا يتمنون موت من تربى في حجر مدرسة أهل بيت الوحي والرسالة عليهمالسلام؟!
فبعد أن مضى من انبثاق الإسلام أكثر من ثلاثة قرون ، ما تفتأ السلطة الحاكمة والأيادي الخبيثة المتصلة بها لحظة واحدة عن الضغط والمكر والغدر واللئامة في حق أهل بيت النبوة ، وهدم مذهبهم ، ومحو الآثار والمعارف الإسلامية
__________________
(١) العبر في خبر من غير ٣ / ١٥ و ١١٤ ، طبع دائرة المطبوعات والنشر في الكويت ١٩٦١.
(٢) البداية والنهاية في التاريخ ـ لابن كثير ـ ١٢ / ١٨ ، طبع مطبعة السعادة المصرية.