أو أن السبب هو احتياط بعض المسلمين وتورعهم عن إضافة بعض الكتابات في المصحف الشريف ، لأنهم كانوا يشعرون بأنه يلزم الحفاظ على المصحف الشريف كما نزل على النبي ـ صلىاللهعليهوآله ـ دون إضافة ، ومن هنا كان تجنبه تورعا عن القيام بمثل هذا العمل ، ولكن بعد أن أدرك أن الضرورة الإسلامية تحتم عليه القيام بهذا العمل ، قام به خير قيام ، وكما قال الدكتور شوقي ضيف : «كان ذلك عملا خطيرا حقا فقد أحاطوا لفظ القرآن الكريم بسياج يمنع اللحن فيه» (١٠٨) ويقول الدكتور مازن المبارك : «ومعنى وضع أبي الأسود لشكل المصحف أنه وضع الضوابط التي تمنع القارئ من الزلل أو اللحن في القرآن ، وهل للنحو غاية أخرى أبرز من حفظ اللسان من الخطأ؟!» (١٠٩).
وهناك عوامل أخرى ـ ربما لا نعلمها ـ كانت السبب في تأخير أبي الأسود إظهار هذا العمل ، وتشمل بعض هذه الأسباب النحو أيضا ، إذ تأخر أبو الأسود في الاعلان عنه أيضا.
أما عن وجود هذا المصحف الذي شكله أبو الأسود ، فهل هو موجود أوضاع كما ضاع الكثير من كتب التراث؟
ذكر السيد محسن الأمين في كتابه «أعيان الشيعة» أنه رأى في خزانة الكتب الشريفة الرضوية مصحفا بخط الإمام أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ عليه مثل هذا الشكل والتنقيط ، وهذا يؤيد ما ذكرناه بأن أبا الأسود قد تلقى تحريك المصحف بالتنقيط من الإمام أمير المؤمنين ـ عليهالسلام ـ كما تلقى النحو منه إلا أن نقول بأن تحريك هذا المصحف الشريف الذي كتبه الإمام ـ عليهالسلام ـ بخطه قد أضيف إليه من قبل أبي الأسود أو غيره ـ بعد كتابته ـ كما يحتمل ذلك السيد الأمين.
يقول السيد محسن الأمين عن القرآن المنسوب إلى خط أمير المؤمنين
__________________
(١٠٨) المدارس النحوية ـ للدكتور شوقي ضيف ـ : ١٧.
(١٠٩) النحو العربي ـ مازن المبارك ـ : ٣٠.