موثوق به عن المسألة مسألة اتصال علماء اللغة الأول بنماذج أجنبية نسجوا على منوالها ، ويذكر رأي برونيش القائل بأن تأثير الأجانب في علم اللغة العربية ـ النحو العربي ، لم يحدث إلا ابتداءا من سيبويه الفارسي في حين أن أستاذه الخليل كان عربيا خالصا» (٨٠).
وبذلك نرى أن بعض المستشرقين منصفون في آرائهم وأحكامهم ، ولكن لا يعني ذلك أن ننظر للجميع تلك النظرة الأمينة والصادقة ، بل حتى الباحثين المنصفين منهم والذين يحاولون معالجة القضايا الإسلامية معالجة منصفة وموضوعية فإنهم أحيانا يتوصلون إلى آراء غير سليمة ، لأنهم لم يعيشوا الروح والمشاعر الإسلامية والأجواء التراثية والثقافية التي يعيشها الإنسان المسلم وهذا لا يمنع أن تكون لهم آراء صائبة في بعض المجالات.
٢ ـ فرضية الاكتساب :
الملاحظ أن الرأي الذي يذهب إلى أن أبا الأسود قد تأثر بالثقافة السريانية يعتمد على الفرض فحسب ، إذ ليست هناك أية رواية ، أو أي سند تاريخي ، أو رأي من القدماء يثبت لنا هذا التأثر بصورة موثوقة ، فلم يتعرض له حتى واحد من القدماء الذين ذكروا بأن أبا الأسود وضع النحو العربي ، بالرغم من أن المعروف عن علمائنا القدامى تتبعهم وتحقيقهم في البحث عن المسائل العلمية والثقافية ، وقد ذكروا تأثر المسلمين باليونان أو غيرهم في بعض العلوم أمثال المنطق والفلسفة ، ولم يذكروا مثل ذلك عن بدايات علم النحو.
ولكن في المقابل هناك الكثير من الروايات المتواترة والآراء العديدة وإجماع القدامى على وضع أبي الأسود للنحو بتوجيه من الإمام ـ عليهالسلام ـ ، حيث تؤكد ـ بل تستدل ـ على أصالة وضعه وعدم تأثر أبي الأسود في ذلك بالثقافات الأخرى كما يقول كمال إبراهيم : «لم يثبت تاريخيا أن أبا الأسود أو
__________________
(٨٠) نقلا عن مدرسة النحو البصرية : ١٠٤.