من علموا ذلك من
المسلمين على وجه اللحن ، ولأصلحوه بألسنتهم ولقنوه للأمة
تعليما على وجه الصواب ، وفي نقل المسلمين جميعا ذلك قراءة على ما هو به في
الخط مرسوما أدل دليل على صحة ذلك وصوابه ، وأن لا صنع في ذلك للكاتب) .
وقال الداني : (فإن
قال قائل : فما تقول في الخبر الذي رويتموه عن يحيى
ابن يعمر وعكرمة مولى ابن عباس عن عثمان أن المصاحف لما نسخت عرضت
عليه فوجد فيها حروفا من اللحن ، فقال : اتركوها فإن العرب ستقيمها ـ أو ستعربها ـ
بلسانها. إذ ظاهره يدل على خطأ في الرسم.
قلت : هذا الخبر
عندنا لا يقوم بمثله حجة ، ولا يصح به دليل من جهتين ،
إحداهما : أنه ـ مع تخليط في إسناده واضطراب في ألفاظه ـ مرسل ، لأن ابن يعمر وعكرمة
لم يسمعا من عثمان شيئا ، ولا رأياه ، وأيضا فإن ظاهر ألفاظه ينفي وروده عن عثمان
، لما فيه من الطعن عليه ، مع محله من الدين ومكانه من الإسلام ، وشدة اجتهاده في
بذل النصيحة ، واهتباله بما فيه الصلاح للأمة. فغير متمكن أن يقول لهم ذلك وقد جمع
المصحف مع سائر الصحابة الأخيار الأتقياء الأبرار نظرا لهم ليرتفع الاختلاف في
القرآن بينهم ، ثم يترك لهم فيه مع ذلك لحنا وخطأ يتولى تغييره من يأتي بعده ، ممن
لا شك أنه لا يدرك مداه ولا يبلغ غايته ولا غاية من شاهده. هذا ما لا يجوز لقائل
أن يقوله ، ولا يحل لأحد أن يعتقده.
فإن قال : فما وجه
ذلك عندك لو صح عن عثمان؟
قلت : وجهه أن
يكون عثمان أراد باللحن المذكور فيه التلاوة دون الرسم) .
وقال الزمخشري : ([والمقيمين]
نصب على المدح لبيان فضل الصلاة
وهو باب واسع قد ذكره سيبويه على أمثلة وشواهد ، ولا يلتفت إلى ما زعموا من
وقوعه لحنا في خط المصحف ، وربما التفت إليه من لم ينظر في الكتاب ولم يعرف
__________________