ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن. قلت : كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله ـ صلىاللهعليهوآله ـ؟ قال : هو والله خير ، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر ، فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال ، حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره : (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم ...) حتى خاتمة براءة ، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ، ثم عند عمر في حياته ، ثم عند حفصة بنت عمر » (٢).
٣ ـ وروى البخاري بسنده عن أنس ، قال : «إن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان ، وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وآذربيجان مع أهل العراق ، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة ، فقال حذيفة لعثمان : يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى ، فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ، ثم نردها عليك ، فأرسلت بها حفصة إلى عثمان ، فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، فنسخوها في المصاحف ، وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شئ من القرآن فاكتبوه بلسان قريش ، فإنما نزل بلسانهم ففعلوا ، حتى إذا نسخوا المصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة ، فأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا ، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق» (٣).
٤ ـ أخرج ابن أبي داود : «أن أبا بكر قال لعمر وزيد : إقعدا على باب المسجد ، فمن جاءكما بشاهدين على شئ من كتاب الله فاكتباه» (٤).
٥ ـ أخرج ابن أبي داود : «أن عمر سأل عن آية من كتاب الله : فقيل : كانت مع فلان ، قتل يوم اليمامة ، فقال : إنا لله ... وأمر بجمع القرآن ، فكان أول
__________________
(٢) صحيح البخاري ـ باب جمع القرآن ـ ٦ : ٢٢٥.
(٣) صحيح البخاري ٦ : ٢٢٦.
(٤) الإتقان في علوم القرآن ١ : ٢٠٥.