بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل الصوم جنة من النار ، والصلاة على أشرف الخلائق محمد وآله الأطهار.
يقول أقل العباد محمد المشتهر ببهاء الدين العاملي ـ وفقه الله للعمل في يومه لغده ، قبل أن يخرج الأمر من يده ـ :
لما فرغت من تأليف المقالة الاثني عشرية في الصلاة اليومية ، وأختها الاثني عشرية الحجية ، التمس مني بعض الأخلاء الأجلاء ـ وفقه الله لارتقاء معارج الكمال ـ تأليف اثني عشرية صومية على ذلك المنوال ، فأسعفته بذلك مع ضيق المجال وتوزع البال ، والله أسأل أن ينفع بها الطالبين ، وأن يجعلها من أحسن الذخائر ليوم الدين.
فأقول :
الأمور التي لا بد للصائم من اجتنابها نوعان :
الأول : أمور يفسد الصوم بارتكابها ، ويتوقف حصول حقيقته على اجتنابها ، كالأكل والجماع عمدا.
الثاني : ما ليست كذلك ، ولكن ورد الشرع بنهي الصائم عنه ، كالحقنة على الأقرب ، والارتماس عند بعض.
والأمور الأولى لا بد في نية الصوم من قصد المكلف الامساك عنها ولو إجمالا ، بخلاف الثانية ، وقد كثر الخلاف بين علمائنا ـ قدس الله أرواحهم ـ في تعيينها ، ومن ثم اختلفوا في بيان حقيقة الصوم شرعا على حسب اختلاف مذاهبهم فيها. فبعضهم عرفه بتوطين النفس على ترك أمور ثمانية ، وبعضهم بالإمساك عن أمور عشرة ، وبعضهم زاد وبعضهم نقص.
وقد رام بعضهم تعريفه بما ينطبق على جميع المذاهب ، فعرفه تارة بالإمساك عن المفطرات مع النية ، وأخرى بتوطين النفس على الامساك على المفطرات ، وهما