فقال لهم : أنشدكم الله هل فيكم أحد أقرب إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله في الرّحم منّي ومن جعله نفسه وابناه ابناه ونسائه نساءه غيري؟ قالوا : اللهم لا ، الحديث ، وأيضا نقول : ليس المراد من النّفسية حقيقة الاتحاد ، بل المراد المساواة فيما يمكن المساواة فيه من الفضائل والكمالات ، لأنّه أقرب المعاني المجازية إلى المعنى الحقيقي ، فيحمل عليها عند تعذّر الحقيقة على ما هو قاعدة الأصول ، ولا شكّ أنّ الرّسول صلىاللهعليهوآله أفضل النّاس اتفاقا ومساوي الأفضل أفضل ، ويمكن أن يقال أيضا : إنّ مراد المصنّف بالمساواة المساواة في الصّفات النفسيّة ، وحينئذ نقول : إن أراد النّاصب بكون نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم نبيّا مرسلا خاتم النبوّة بعثه على الوجه المذكور فظاهر أنّ هذا ليس من صفات النفس كما صرّح به الغزالي (١) في المنخول حيث قال : ليست الأحكام للأفعال صفات ذاتية ، وانما معناها ارتباط خطاب الشّارع بها أمرا ونهيا حثّا وزجرا ، فالمحرّم هو المقول فيه : لا تفعلوه ، والواجب هو المقول فيه : لا تتركوه ، وهو كالنّبوّة ليست ذاتية نفسيّة للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولكنّها عبارة عن اختصاص شخص بخطاب التبليغ «انتهى» وان أراد به الصّفة الكاملة النّفسية التي تنبعث عنه البعث على الوجه المذكور ويقتضى المساواة في الدّرجة ، فلا يمتنع أن تكون تلك الصّفة وتلك الدّرجة حاصلة لأمير المؤمنين عليهالسلام ، غاية الأمر أنّ خصوصيّة خاتميّة نبيّنا صلىاللهعليهوآله منعت عن بعثه على الوجه المخصوص وعن إطلاق الاسم عليه شرعا ، كما قيل بمثله في منع إطلاق اسم الجوهر بمعنى الموجود لا في موضوع على الله سبحانه ، وليس هذا بأبعد ممّا يرويه أصحاب هذا النّاصب الشّقي
__________________
المعروف (بسنن الدارقطنيّ) طبع بهند ومنها (المختلف والمؤتلف) وغيرها من الآثار ، توفى سنة (٣٨٥) ببغداد ودفن في جوار قبر الكرخي العارف المعروف فراجع الريحانة (ج ٢ ص ٦).
(١) قد مرت ترجمته في (ج ١ ص ١٤٥) وكتابه المنخول معروف قد طبع مرات