عبد الله بن الزّبعرى إلى آخره ، الوجه الثّالث في التّأويل هو أنّ النّبي صلىاللهعليهوسلم لما حكى أنّ النّصارى عبد وا المسيح وجعلوه إلها لأنفسهم ، قال كفّار مكّة : إنّ محمّد صلىاللهعليهوسلم يريد أن نجعله لنا إلها كما جعل النّصارى المسيح الها لأنفسهم ثمّ عند هذا قالوا : (أَآلِهَتُنا خَيْرٌ أَمْ هُوَ)؟ يعنى آلهتنا خير أم محمّد صلىاللهعليهوسلم ، ذكروا ذلك لأجل انّهم قالوا : إنّ محمّدا صلىاللهعليهوسلم يدعونا إلى عبادة نفسه ، وآبائنا زعموا انّه يجب عبادة هذه الأصنام فإذا كان لا بدّ من أحد هذين الأمرين ، فعبادة هذه الأصنام أولى ، لأنّ آبائنا وأسلافنا كانوا متطابقين عليه ، وأما محمّد عليه وعلى آله الصّلاة والسّلام ، فإنّه متّهم في أمرنا بعبادته ، فكان الإشتغال بعبادة الأصنام أولى «انتهى» وقد ظهر من كلامه انّ ما ذكره في تأويل الآية وجوه محتملة ، قالوها رجما بالغيب من غير استناد إلى حديث مخبر عن سبب النزول ، فيكون ما رواه المصنّف أولى بالاعتبار كما لا يخفى ، وأيضا كل من أخبار الثّلاثة خال عن المعنى الذي يقتضيه أسلوب ضرب المثل وعن ذكر من ضرب له المثل ، بخلاف المعنى المستفاد من رواية المصنّف فإنّه مقرّر لاسلوب المثل ومبين لمن ضرب له وهو عليّ عليهالسلام ، (ضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ) (١) ، فيكون أفضل ، أو نقول : قد دلت الآية مع الرّواية دلالة صريحة على أنّ حكمه عليهالسلام حكم عيسى على نبيّنا وآله وعليهالسلام ، فلا أقلّ من دلالته على الأفضلية ، وبالجملة ما ذكره المصنّف من الأدلة وإن كانت أخوات ، إلّا أنّها من نجب الأدلة ونخبها ، وما من آية إلّا وهي أكبر من أختها.
ختم وإتمام
قد روى (٢) احمد بن حنبل في مسنده ما في معنى الحديث المذكور من طرق
__________________
(١) اقتباس من قوله تعالى في سورة يس. الآية ٧٨ ،
(٢) فراجع إلى مسند ابن حنبل (ج ١ ص ١٦٠ ط مصر) وغيره مما تقدم ذكره في ذيل الآية الشريفة.