والمراد أنّ اجماع الأنبياء واقع على وجوب التوحيد ونفى الشرك ، هذا مفهوم الآية ، وهذا النّقل من المناكير وإن صحّ فلا يثبت به النّص الذي هو المدعى لما علمت أنّ الولاية تطلق على معان كثيرة «انتهى».
أقول
الرّواية المذكورة بأدنى تغيير في اللفظ في تفسير النيشابوري (١) عن الثعلبي ، حيث قال : وعن ابن مسعود أنّ النّبي صلىاللهعليهوسلم قال : أتاني ملك فقال : يا محمد سل من أرسلنا قبلك من رسلنا علام بعثوا ، قال : قلت : على م بعثوا ، قال : على ولايتك وولاية علي ابن أبي طالب عليهالسلام ، رواه الثعلبي ولكنه لا يطابق قوله سبحانه (أَجَعَلْنا) الآية انتهى وقد ظهر (٢) بما نقلناه أنّ الرّواية من روايات أهل السنّة وأنّ المناقشة التي ذكرها النّاصب قد أخذها من النيشابوري ، وهي مع وصمه الانتحال ضعيفة ، إذ يمكن أن يكون الجعل في الجملة الاستفهاميّة بمعنى الحكم ، كما صرح به النيشابوري آخرا ، ويكون الجملة حكاية عن قول الرسول صلىاللهعليهوسلم ، وتأكيدا لما أضمر في الكلام من الإقرار ببعثهم على الشّهادة المذكورة ، بأن يكون المعنى أنّ الشهادة المذكورة لا يمكن التوقّف فيها ، إلّا لمن جعل (مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ) (٣) ، ونظير هذا
__________________
(١) فراجع إلى تعاليقنا في ذيل الآية فإنها مذكورة عن الطبري وغيره من الاعلام
(٢) فان مقتضى عبادة الله وحده إطاعة أوليائه وأنبيائه دون من عداهم منه «قده» أقول : الأظهر في الجواب ان يقال : ان الإقرار بنبوة محمد صلىاللهعليهوآله وولاية على عليهالسلام من لوازم التوحيد ونفى الشرك ، فصح ارتباط قوله تعالى : (أَجَعَلْنا) إلخ بما قبله على التفسير المروي على أنه لا يبعد تعميم الالهة بحيث يشمل كل ما عبد من دون الله فيشمل صنمي قريش أيضا ، فيكون دالة على بطلان الاختيار في الامامة. فافهم
(٣) اقتباس من قوله تعالي في سورة الزخرف. الآية ٤٥