خليليّ (١) قطّاع الفيافي (٢) إلى الحمى |
|
كثير وأمّا الواصلون قليل |
قال المصنّف رفع الله درجته
ومنها مخالفة العلم الضّروريّ الحاصل لكلّ أحد يطلب من غيره أن يفعل فعلا ، فانّه يعلم بالضّرورة أنّ ذلك الفعل يصدر عنه ، ولهذا يتلطف في استدعاء الفعل منه بكلّ لطيفة ويعظه ويزجره عن تركه ويحتال عليه بكلّ حيلة ويعده ويتوعّده على تركه ، وينهاه عن فعل ما يكرهه ، ويعنفه على فعله ، ويتعجّب من فعله ذلك ويستطرفه ويتعجّب العقلاء من فعله : وهذا كلّه دليل على أنّه فعله ، ويعلم بالضّرورة الفرق الضّروري بين أمره بالقيام وبين أمره بإيجاد السّماء والكواكب ، ولو لا أنّ العلم الضّروري حاصل بكوننا موجدين لأفعالنا لما صحّ ذلك «انتهى».
قال النّاصب خفضه الله
أقول : الطلب من الغير للفعل ونهيه عن الفعل للحكم الضّروري بأنّه فاعل للفعل ، وهذا لا ينكره إلّا من ينكر الضروريّات ، وقد مرّ مرارا أنّ هذا ليس محلا
__________________
(١) جرت عادة الأدباء الأقدمين على تجريد الإنسان من نفسه شخصا آخر مثله في الصفات التي سيق الكلام ثم يخاطبه كقول الأعشى.
ودع هريرة ان الركب مرتحل |
|
وهل تطيق وداعا ايها الرجل |
وقد يجرد شخصين مثليه في الخصوصيات وجعل أحدهما جالسا من يمينه والآخر في يساره ثم مخاطبتهما فالباب باب التجريد وهو من القواعد المذكورة في البيان تارة وفي البديع أخرى ومن أطيب المحاضرات جلوس الشخص بين الحبيبين اللذين هما كنفسه في الخلال والخصال فهذا الخطاب في البيت قد اشتمل على لطافة التجريد وحلاوة المجالسة بين الخلين الخليلين وان شئت الوقوف على كيفية التجريد واقسامه ومحاسنه وشروطه فعليك بشروح التلخيص للتفتازاني والسبكى والسيالكوتى وغيرهم.
(٢) الفيفاء بالمد والفيفى بالقصر والفيفاة بالتاء المكان المستوي.