قال النّاصب خفضه الله
أقول : اعتراف الكفّار يوم القيامة لظهور ما ينكره المعتزلة ، وهو أنّ الكسب من العبد والخلق من الله ، ألا ترى إلى قوله تعالى لهم يوم القيامة : (فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ) ، أي كان هذا الجزاء لكسبكم الأعمال السّيئة ، وكلّ هذا يدلّ على أن للعبد كسبا يؤاخذ به يوم القيامة ، ويجزى به ، ولا يدلّ على ما هو محلّ النّزاع وهو كونه خالقا لفعله وموجدا إيّاه فليس فيها دلالة على المقصود «انتهى».
أقول
يتوجّه عليه أنّ ما حكم به بديهة العقول السّليمة والبرهان العقليّ لا يظهر خلافه في الآخرة ، لما عرفت من إحكام قاعدة الحسن والقبح العقليّين ، وما ذكره من الآية لا تدلّ على إرادة ما اخترعوه من الكسب الذي لا محصل له ، لظهور أنّ الكسب في الآية ليس بالمعنى الذي اخترعوه فلا يصح الاستدلال بها على مذهبهم فهو في ذلك مطالب بالبيان ودونه خرط القتاد.
قال المصنّف رفع الله درجته
العاشر الآيات التي ذكر الله فيها ما يحصل منهم من التحسّر في الآخرة على الكفر وطلب الرّجعة ، قال الله تعالى : (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيها رَبَّنا أَخْرِجْنا) ، (١) قال : (رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً) (٢) (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) ، (٣) (رَبَّنا أَبْصَرْنا وَسَمِعْنا فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً) ، (٤) أو يقول :
__________________
(١) الفاطر. الآية ٣٧.
(٢) المؤمنون. الآية ٩٩.
(٣) السجدة. الآية ١٢.
(٤) السجدة. الآية ١٢.