فانّ الاستعانة والاستعاذة لأجل أن لا يخلق ما يوجب الاستعانة والاستعاذة ، ولو كان الأمر كما ذكروا لانسدّ باب الدعاء والطلب من الله تعالى ، لأنّه خالق الأشياء ، وهذا من التّرهات التي لا يتفوّه بها عاقل فضلا عن فاضل «انتهى».
أقول
يتوجّه عليه أنّ الخلق بدون كسب العبد لمّا لم يوجب عندهم ثوابا ولا عقابا ، فلا حاجة إلى الاستعاذة ، والقول بأنّ الاستعاذة عن الخلق يجوز أن تكون لئلا تؤدي الخلق إلى الكسب مردود ، بأنّ هذه التأدية إن كانت بالجبر فيلزم أن يكون الكسب أيضا بالجبر ، فيلزم الجبر المحض ، وإن كان باختيار العبد فلا وجه للاستعاذة فيه عن الله تعالى فتدبّر.
قال المصنّف رفع الله درجته
الثامن الآيات الدّالة على اعتراف الأنبياء بذنوبهم ، وإضافتها إلى أنفسهم كقوله تعالى حكاية عن آدم عليهالسلام : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) ، (١) وعن يونس عليهالسلام : (سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) (٢) وعن موسى عليهالسلام (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي)(٣) ، وقال يعقوب عليهالسلام لأولاده : (بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً) (٤) وقال يوسف عليهالسلام: (مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي) ، (٥) وقال نوح عليهالسلام : (رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْئَلَكَ ما لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ) (٦) ، فهذه الآيات تدلّ على اعتراف الأنبياء بكونهم فاعلين
__________________
(١) الأعراف. الآية ٢٣.
(٢) الأنبياء. الآية ٨٧.
(٣) القصص. الآية ١٦.
(٤) يوسف. الآية ١٨.
(٥) يوسف. الآية ١٠٠.
(٦) هود. الآية ٤٧.