معرفة صحّة قوله بكونه مجتهدا ، سلمنا لكن لم لا يجب قبول قوله كقبول قول المفتي فانّه يجب على المقلّد قبول قوله دائما وإن لم يكن معصوما ، لأنا نقول : أمّا مدّعي الاجتهاد فيلزم إفحامه أيضا لأنّه إذا ألزمه (١) المكلّف له أن يقول : إنّي اجتهدت فادّى اجتهادي إلى عدم وجوب قبول قولك في هذه الحالة فينقطع ، وأما وجوب قبول قوله كالمفتي فهو باطل لوجوه ، منها : أن قبول قول المفتي إنّما هو على العامي المحض الذي لا يتمكّن من معرفة الصّواب عن الخطاء بالاجتهاد ، أما من يتمكّن فلا يجب عليه قبول اجتهاد آخر (٢) ، ومنها ما هو مذكور في كتاب الألفين (٣) للمصنّف قدسسره فليرجع إليه من أراد زيادة الإفادة ، وأمّا اشتراطهم للبصارة بتدبير الحروب فهي من لوازم اشتراط العصمة ، إذا المعصوم مؤيّد ضرورة بالعقل والبصارة في ضروريّات الدّين وكذا الشجاعة ، ولعلّ النّاصب لما رأى أنّ دعوى الشجاعة المقرونة بصدور الآثار للثلاثة الذين فرّوا مرارا (٤) وذهبوا (٥) عريضا في غزوات النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على ما سيجيء مشكلة أردفها بقوله : قوي القلب ليكون
__________________
(١) هذا مبنى على أن يكون المجتهد مجتهدا مطلقا ، والمكلف المناظر معه مجتهدا متجزيا.
(٢) هذه المقدمة مذكورة في الرسالة التي عملها فخر الدين الرازي لبيان تفضيل مذهب الشافعي على غيره من المذاهب.
(٣) فراجع الألفين (ص ٤٩ طبع طهران سنة ١٢٩٦) وسماه بالالفين لاحتوائه على الفى دليل في امامة مولانا على عليهالسلام وبطلان خلافة غيره.
(٤) فراجع مجمع الزوائد (ج ٢ ص ١ ـ ١٥٠ ط مصر) وشرح المواقف (ج ٢ ص ٤٧٥ ط مصر) وحياة محمد (ص ٢٩١) وتاريخ الطبري في غزوة احد (ج ٢).
(٥) إشارة الى ما سيجيء من خطابه صلىاللهعليهوآلهوسلم لعثمان حيث فر من الغزوة قد ذهبت (عريضا) وهو بفتح العين بمعنى طويلا.