التفصيل فاستمع لما يتلى عليك.
قال القوشجي في شرح قول الخواجة فالحرارة جامعة للمتشاكلات ومفرقة للمختلفات اعلم ان الحرارة والبرودة من اظهر المحسوسات غنيتان عن التعريف فما ذكروه من خواصهما لم يقصدوا بها تعريفهما بل قصدوا بها بيان احكامهما قالوا من شأن الحرارة افادة الميل المصعد وبواستطه التحريك.
ثم ان المركبات لما كانت مركبة من اجسام مختلفة في اللطافة والكثافة وكل ما كان الطف كان اقبل للخفة الحاصلة من الحرارة فان الهواء اسرع قبولا لذلك من الماء الذي هو اسرع فيه من الارض لاجرم اذا عملت الحرارة في المركب بادر الى الصعود الالطف من اجزائه ثم الالطف دون الكثيف فانه لا ينفعل الا ببطوء.
وربما لم تفده الحرارة خفة تقوى على تصعيده فيلزم من ذلك تفرق الاجسام المختلفة الطبايع التي منها تركب المركب ثم يحصل عند تفرق تلك المختلفات بهذا السبب اجتماع المتشاكلات لان تلك الاجزاء بعد تفرقها تجتمع بالطبع الى ما يجانسها لان طبايعها تقتضي الحركة الى امكنتها الطبيعية والانضمام الى اصولها الكلية فان الجنسية علة للضم كما اشتهر في الالسنة.
فالحرارة معدة للاجتماع الصادر عن طبايعها بعد زوال المانع الذي هو الالتيام فنسب الاجتماع اليها كما ينسب الأفعال الى معداتها فلهذا السبب يقال ان الحرارة من شأنها تفريق المختلفات وجمع المتشاكلات وهذا الجمع والتفريق انما يعمضان في المركب الذي لا يكون بسائطه شديدة الألتحام.
اما الذي يكون التحامها شديدا فلا يخلو اما ان يكون اللطيف والكثيف فيه قريبين من الاعتدال اولا وعلى الاول اذا قوى عمل الحرارة فيه حدثت حركة دورية كما في الذهب لان النار انما لا تفرقه لان التلازم بين بسائطه