المذكورة أن يقع المؤمن والكافر موقع البحرين وذلك لا يصح لمنافاة ذلك قوله (وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ) الخ وذلك ظاهر لمن له ذوق سليم وفهم مستقيم.
(و) انما (أراد) بعد التشبيه أي زائدا عليه (تفضيل البحر الأجاج على الكافر بأنه) أي البحر الأجاج (قد شارك) البحر (العذب في منافع) أشيرت اليها في الآية بقوله تعالى (وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ) الخ (والكافر خلو عن المنفعة فهو) أي التشبيه في هذه الآية (في طريقة قوله تعالى) (ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) (فهي) أي القلوب ((كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ)).
قال في الكشاف وان من الحجارة بيان لفضل قلوبهم على الحجارة في شدة القسوة وتقرير لقوله (أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) انتهى (ولخفاء ذلك) المذكور في التفصي (ذهب كثير من الناس الى أن الآيتين من قبيل الاستعارة وإن صاحب الكشاف أوردهما مثالين للأستعارة ولا يخفى ضعفه على من يتأمل لفظ الكشاف) وقد نقلنا نحن شطرا منه آنفا.
واعلم انهم كما يأتي بعيد هذا لما أختلفوا في الاستعارة هل هي مجاز عقلي وقد يأتي المراد منه عنقريب أو لغوي وقد مر بيانه عنقريب وقد مر أيضا ان المصنف اختار انها مجاز لغوي حيث قال وقد يقيدان أي الحقيقة والمجاز باللغويين ثم قسم المجاز اللغوي الى استعارة ومجاز مرسل فتكون الاستعارة حينئذ مجازا لغويا قال (ودليل انها أي الاستعارة مجاز لغوي) لا عقلي (كونها) أي لفظة الأسد التي هي الأستعارة (موضوعة) في الحقيقة (للمشبه به) اي للحيوان المفترس مثلا (لا للمشبه) يعني الرجل الشجاع (ولا الأعم منهما) أي الشجاع مطلقا رجلا كان او حيوانا مفترسا إذ لو كان اللفظ موضوعا للأعم منهما أي للكلي الشامل لكل واحد منهما لكان متواطيا