يطلق عليها اسم السبب واسم المسبب لانها علة في الاذهان معلول في الاعيان (او سبب المذكور نحو قوله تعالى (فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ) ان قدر فضربه بها) اي بالعصا (فيكون قوله فضربه بها جملة محذوفة هي سبب لمذكور وهو) اي المسبب المذكور (قوله تعالى (فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ) اي من حذف جملة هي سبب المذكور (قوله تعالى (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ) فحذف فيه السبب وذكر المسبب (اي فاختلفوا) هذا هو السبب المحذوف (فَبَعَثَ اللهُ) هذا هو المسبب المذكور (بدليل قوله تعالى (لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ) وجه كونه دليلا وقرينة على ان المحذوف هو السبب لبعث الانبياء ان بعثهم انما هو لرفع الاختلاف في اصول العقائد بل الفروع ايضا لينتظم بذلك نظام بني آدم من حيث المعاش والمعاد.
قال في شرح باب الحاديعشر اعلم ان النبوة مع حسنها خلافا للبراهمة واجبة في الحكمة خلافا للاشاعرة والدليل على ذلك هو انه لما كان المقصود من ايجاد الخلق هو المصلحة العائدة اليهم كان اسعافهم بما فيه مصالحهم وردعهم عما فيه مفاسدهم واجبا في الحكمة وذلك اما في أحوال معاشهم أو احوال معادهم اما في أحوال معاشهم فهو انه لما كانت الضرورة داعية في حفظ النوع الانساني الى الاجتماع الذي يحصل معه مقاومة كل واحد لصاحبه فيما يحتاج اليه استلزم ذلك الاجتماع تجاذبا وتنازعا يحصلان من محبة كل واحد لنفسه وارادة المنفعة لها دون غيرها بحيث يفضي ذلك الى فساد النوع واضمحلاله فاقتضت الحكمة وجود عدل يفرض شرعا يجري بين النوع بحيث ينقاد كل واحد الى امره وينتهي عند زجره ثم لو فوض ذلك الشرع اليهم لحصل ما كان او لا إذ لكل واحد رأي يقتضيه