وذلك (لان الضمير) في الصفة اعنى جملة تجهلون (عائد الى قوم ولفظه لفظ الغائب لكونه اسما مظهرا) وقد تقدم في اوائل بحث الالتفات نقلا عن الرضى ان الاسماء الظاهرة كلها موضوعة للغيبة الا المنادي لانه بمنزلة كاف الخطاب كما بيناه في المكررات في باب النداء (لكنه) اي لفظ القوم (في المعنى عبارة عن المخاطبين) بقوله تعالى (أَنْتُمْ) (فغلب جانب الخطاب على جانب الغيبة).
والحاصل ان لفظة القوم لها جهتان جهة المعنى اي المصداق وجهة اللفظ فمن حيث المعنى والمصداق مخاطب لان الخبر عين المبتدء ومن حيث اللفظ كما قلنا غائب لانه اسم ظاهر فغلب جانب المعنى والمصداق لانه اشرف واكمل واقوى على جانب اللفظ واعيد اليه الضمير من جملة الصفة بتاء الخطاب ولا يذهب عليك ان بهذا القدر من العدول من جهة الى اخرى لا يصدق انه تغير الاسلوب وعدل من الغيبة الى الخطاب فلا وجه لما ظنه بعضهم من انه التفات من الغيبة الى الخطاب هذا كله بناء على جعل تجهلون صفة لقوم واما بناء على جعله خبرا عن انتم والقوم بدلالة اي انتم فلا تغليب فيه اصلا.
(ومنه) اي من مطلق التغليب لامن نحو (كانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) (ابوان) اذ ليس وصف مشترك بين الاب والام بخلاف كانت من القانتين فان وصف القنوت مشترك بين الذكور والاناث وليس فيه تغليب الذكور على الاناث وان كان ظاهر ما تقدم فيه يوهم ذلك بل انما هو في هيئة الوصف المجرى على الذكور على هيئة الوصف المجرى على الاناث واما ابوان فسيصرح بان فيه تغليب الذكور على الاناث وذلك لان الابوة ليست صفة مشتركة بين الاب والام (ونحوه)