قطع النظر عن معناه (بل) رجوع البلاغة الى اللفظ والكلام (باعتبار افادته) اي اللفظ والكلام (المعنى ، يعنى الغرض المصوغ له الكلام) والمراد من الغرض المعنى الذى يعتبره البلغاء في كلامهم ، اي الخصوصيات والمزايا التى يقتضيها الحال الزائدة على اصل المراد ، كالحذف والذكر والتقديم والتأخير وغيرها مما يقتضيها المقام.
(بالتركيب) اي بسبب التركيب ، وهو ظرف لغو (متعلق بافادته) حاصله : ان افادة اللفظ والكلام الغرض انما هو بسبب التركيب فلأجل ذلك وعند ذلك يتصف اللفظ والكلام بالبلاغة.
قال في المثل السائر : وأما البلاغة فان اصلها في وضع اللغة من الوصول والانتهاء ، يقال بلغت المكان اذا انتهيت اليه ، ومبلغ الشيء منتهاه ، وسمى الكلام بليغا من ذلك ، اي انه قد بلغ الأوصاف اللفظية والمعنوية.
والبلاغة شاملة للألفاظ والمعانى ، وهي اخص من الفصاحة كالانسان من الحيوان ، فكل انسان حيوان وليس كل حيوان انسانا ، وكذلك يقال كل كلام بليغ فصيح وليس كل كلام فصيح بليغا.
ويفرق بينها وبين الفصاحة من وجه آخر غير الخاص والعام ، وهو انها لا تكون الا في اللفظ والمعنى بشرط التركيب ، فان اللفظة الواحدة لا يطلق عليها اسم البلاغة ويطلق عليها اسم الفصاحة ، اذ يوجد فيها الوصف المختص بالفصاحة وهو الحسن ، وأما وصف البلاغة فلا يوجد فيها لخلوها من المعنى المفيد الذي ينتظم كلاما ـ انتهى.
(وذلك لما مر من انها) اي البلاغة (عبارة عن مطابقة الكلام الفصيح لمقتضي الحال ، وظاهر ان الكلام من حيث انه ألفاظ مفردة