النظم شيئا الا وجدته فد اعترف لك بها او ببعضها وافق فيها درى ذلك او لم يدر. ويكفيك انهم قد كشفوا عن وجه ما اردناه حيث ذكروا فساد النظم ، فليس من احد يخالف في نحو قول الفرزدق :
وما مثله في الناس الا مملكا |
|
ابو امه حي ابوه يقاربه |
ـ الى ان قال ـ وفي نظائر ذلك مما وصفوه بفساد النظم وعابوه من جهة سوء التأليف : ان الفساد والخلل كانا من ان تعاطى الشاعر ما تعاطاه من هذا الشأن على غير الصواب ، وصنع في تقديم او تأخير او حذف واضمار او غير ذلك ليس له ان يصنعه ما لا يسوغ ولا يصح على اصول هذا العلم.
واذا ثبت ان سبب فساد النظم واختلاله ان لا يعمل بقوانين هذا الشأن ثبت ان سبب صحته ان يعمل عليها ، ثم اذا ثبت ان مستنبط صحته وفساده من هذا العلم ثبت ان الحكم كذلك في مزيته والفضيلة التي تعرض فيه ، واذا ثبت جميع ذلك ثبت ان ليس هو شيئا غير توخي معاني هذا العلم (اي النحو) واحكامه فيما بين الكلم ـ انتهى.
قال في المثل السائر في المقالة الأولى مشيرا الى مضمون ما تقدم ما هذا نصه : اعلم انه يحتاج صاحب هذه الصناعة في تأليفه الى ثلاثة اشياء :
الأول ـ منها اختيار الألفاظ المفردة ، وحكم ذلك حكم للآلى المبددة ، فانها تتخير وتنتقى قبل النظم.
الثاني ـ نظم كل كلمة مع اختها في المشاكلة لها لئلا يجيء الكلام قلقا نافرا عن مواضعه. وحكم ذلك حكم العقد المنظوم في اقتران