اى من قبيل توضيح الواضحات جريا على الاصطلاح (لأن هذه الصناعة) اى علم
المعانى (انما وضعت لمعرفة احوال اللفظ العربى لا غير) فلا موجب الى تخصيص اللفظ
بالعربي الا كونه جريا على الاصطلاح ، ومعنى كونه جريا على الاصطلاح انهم توافقوا
على ان يبحثوا عن احوال اللفظ العربى لا غير ، وذلك لان المقصود الأهم والغرض
الاقصى من تدوينهم هذا العلم انما هو معرفة اسرار القرآن واعجازه وهو عربى ، وكون
هذا العلم دون لذلك لا ينافي جريانه وتنزيل قواعده في كل لغة علي قواعد تلك اللغة
، لأن في كل لغة تنافر الحروف والغرابة ومخالفة القياس ونحوها ، وكذلك البيان
والبديع كما يظهر للمتأمل في التنبيه الاتى.
(تنبيه) لا
يذهب عليك انه لا يلزم من حصر وضع هذه الصناعة لمعرفة احوال اللفظ العربى انحصار
الفصاحة والبلاغة فيه ، وقد اشار الى عدم انحصارهما فيه في المثل السائر في مسألة
تتعلق بالفصل الثامن ، وهذا نصه : هل اخذ علم البيان من ضروب الفصاحة والبلاغة
بالاستقراء من اشعار العرب ام بالنظر وقضية العقل؟
الجواب عن ذلك
انا نقول : لم يؤخذ علم البيان بالاستقراء ، فان العرب الذين ألفوا الشعر والخطب
لا يخلو امرهم من حالين : إما انهم ابتدعوا ما اتوا به من ضروب الفصاحة والبلاغة
بالنظر وقضية العقل ، او اخذوه بالاستقراء ممن كان قبلهم. فان كانوا ابتدعوه عند
وقوفهم على اسرار اللغة ومعرفة جيدها من رديئها وحسنها من قبيحها فكذلك هو الذى
اذهب اليه ، وان كانوا اخذوه بالاستقراء ممن كان قبلهم فهذا يتسلسل الى اول من
ابتدعه ولم يستقرئه ، فان كل لغة من اللغات لا تخلو من وصفي الفصاحة والبلاغة
المختصين بالألفاظ والمعانى ، الا ان