ربض مكان ضرب لما كان في ذلك ما يؤدي الى فساد ، وأما نظم الكلم فليس الأمر فيه كذلك ، لأنك تقتفي في نظمها آثار المعاني وترتيبها على حسب ترتيب المعانى في النفس ، فهو نظم يعتبر فيه حال المنظوم بعضه مع بعض ، وليس هو النظم الذي معناه ضم الشىء الى الشيء كيف جاء واتفق ، وكذلك كان عندهم نظيرا للنسج والتأليف والصياغة والبناء والوشي والتحبير وما أشبه ذلك مما يوجب اعتبار الاجزاء بعضها مع بعض حتى يكون لوضع كل حيث وضع علة تقتضى كونه هناك وحتى لو وضع في مكان غيره لم يصلح.
وقال ايضا : لو كان القصد بالنظم الى اللفظ نفسه دون ان يكون الغرض ترتيب المعانى في النفس ثم النطق بالألفاظ على حذوها لكان ينبغي ان لا يختلف حال اثنين في العلم بحسن النظم او غير الحسن فيه ، لأنهما يحسان بتوالى الألفاظ فى النطق احساسا واحدا ولا يعرف احدهما في ذلك شيئا يجهله الآخر.
وقال ايضا : اعلم ان ما تري انه لا بد منه من ترتيب الألفاظ وتواليها على النظم الخاص ليس هو الذي طلبته بالفكر ، ولكنه شيء بسبب الأول (اي المطلوب الأول وهو المعنى الاول ـ فتأمل) ضرورة ، من حيث ان الألفاظ اذا كانت اوعية للمعاني فانها لا محالة تتبع المعاني في مواقعها ، فاذا وجب لمعنى ان يكون اولا في النفس وجب اللفظ الدال عليه ان يكون مثله اولا في النطق ـ انتهى.
(و) الشيخ (يحكم قطعا بأن الفصاحة) بالمعنى الثانى ـ اي الوصف الذى به يقع التفاضل ويثبت الاعجاز ـ (من الأوصاف