ما ابتدأ به ، ويستوفي جميع الاقسام التي يقتضيها ذلك المعنى ، فمثاله نثرا من الكتاب العزيز قوله سبحانه : (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً)
وقوله تعالى : (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ) الاية.
ومن كلام امير المؤمنين عليهالسلام قوله : «شغل من الجنة والنار امامه ساع سريع نجا وطالب بطيء رجا ومقصر في النار هوى».
والاية من ثالث الاقسام ، ولاحتمال كونها من ثانيها وجه قوي ، باعتبار اضافة الغيض الى الماء ، فتدبر جيدا.
ولا بد هنا من ذكر دقيقة بل دقائق ، ذكرها الموصلي في المثل السائر وهذا لفظه ، واعلم انه اذا كان مطلع الكلام في معنى من المعانى ، ثم يجىء بعده ذكر شيئين ، أحدهما افضل من الاخر ، وكان المعنى المفصول مناسبا لمطلع الكلام ، فانت بالخيار في تقديم ايهما شئت. لانك ان قدمت الافضل فهو في موضعه من التقديم ، وان قدمت المفضول فلان مطلع الكلام يناسبه ، وذكر الشيء مع ما يناسبه أيضا وارد في موضعه ، فمن ذلك قوله تعالى : (وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ ما يَشاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ).