من معناه الى قلبك. قولهم : يدخل في الاذن بلا اذن ، فهذا مما لا يشك العاقل في انه يرجع الى دلالة المعنى على المعنى ، انتهى.
(واما الكلام الذي ليس له معنى ثان) بان انحصر دلالته في معناه الأول بحسب اللغة ، (فهو) كلام عامي مرذول ، يحكم عليه بأنه (بمنزلة الساقط عن درجة الاعتبار عند البلغاء ، كما ستعرفه في بحث بلاغة الكلام) ، واذ قد عرفت هذه الجملة : تعرف ان الكلام المعتبر عند البلغاء ، هو الكلام الذي يكون له دلالتان : دلالة اللفظ على المعنى بحسب اللغة ، ودلالة ذلك المعنى على معنى ثان هو المقصود من الكلام ، ومن ذلك تعرف معنى قولنا : الكناية ابلغ من التصريح فانك اذا كنيت عن كثرة القرى بكثرة الرماد تحت القدر ، او عن طول القامة بطول النجاد ، او عن المضيافية بحبن الكلب او هزل الفصيل ، كنت قد اثبت المعنى الثاني ، الذى هو المقصود ، اعني : كثرة القرى ، وطول القامة ، والمضيافية ، باثبات شاهدها ودليلها ، وما هو بينة وبرهان عليها ، فكان دعواها دعوى ببينة وبرهان ، فتوجب لمن يسمع الكلام خير تصديق واذعان ، بشرط ان يراعي المتكلم ما يوجب سهولة الانتقال في مقام البيان ، والا فهو كتجمد في البيت ساقط عن درجة الاعتبار ، وان رام القيل ان يثبت له دلالتين ، اذ اثباتهما بدون سهولة الانتقال غير مجد ، كما اوضحناه لك بخير تقرير وبيان ، (ومعنى البيت : ان عادة الزمان والاخوان ، الاتيان بنقيض المطلوب ، والجرى على عكس المقصود) ، كما اشار الى ذلك بقوله :
ما كل ما يتمنى المرء يدركه |
|
تجري الرياح بما لا تشتهي السفن |
(واني الى الآن) كنت غافلا عن ذلك ، فلذلك (كنت اطلب)