بل لو جعلت اللفظ الموضوع لمعنى في الأصل ، لمعنى آخر مع قصد التواطوء ، قيل : انك واضعه ، كما اذا سميت بزيد رجلا ولا يقال ـ لكل لفظ صدر من شخص لمعنى ـ : انه موضوع له ، من دون اقتران قصد التواطؤ.
ومحرفات العوام على هذا : ليست الفاظا موضوعة ، لعدم قصد المحرف الأول : الى التواطؤ ، على ما فسرنا الوضع.
(وقد علموا : بالاستقراء) ، وتتبع محاورات البلغاء ، (ان الألفاظ الكثيرة الدور ان فيما بينهم) ، اي : الكثيرة الاستعمال ، الجارية على القوانين ، (هى التي تكون) حاوية لامور ثلاثة.
الاول : ان تكون (جارية على اللسان) ، بأن تكون بحيث لا توجب الثقل عليه ، وذلك يحصل : بان تكون (سالمة من تنافر الحروف والكلمات) ، وسيأتي بيانه عن قريب.
(و) الثاني : ان تكون سالمة (من الغرابة) ، وسيأتي بيانه ـ ايضا ـ.
(و) الثالث : ان تكون سالمة من (التعقيد اللفظي والمعنوي) وسيأتي بيان كل واحد منهما ـ ايضا ـ.
(جزم المصنف) : جواب ـ لما ـ (بأن اللفظ الفصيح ، ما يكون سالما عن مخالفة القوانين) ، المستنبطة ، فيكون ـ حينئذ ـ جاريا على القوانين ، كثير الاستعمال على ألسنة العرب الموثوق بعربيتهم.
(و) ـ حينئذ ـ يكون سالما عن (التنافر) ، فيكون جاريا على اللسان ، وهو الأمر الأول : من الامور الثلاثة ، وهو : راجع الى مادة اللفظ ، كما ان الجريان على القوانين المستنبطة : راجع الى هيئته .. فتأمل.