في قوله تعالى : (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ) تعظيما لاعجازه لان للهيئة الاجتماعية من (القوة) ما ليس للافراد.
فاذا فرض اجتماع الثقلين فيه ، وظاهر بعضهم بعضا ، وعجزوا عن المعارضة ، كان الفريق الواحد اعجز.
وقال بعض آخر : بل وقع للجن ـ أيضا ـ والملائكة منويون في الآية ، لانهم لا يقدرون ـ ايضا ـ على الاتيان بمثل القرآن.
وقال بعض آخر : انما اقتصر في الآية على ذكر الثقلين ، لأنه (ص) كان مبعوثا اليهما ، دون الملائكة.
وان سأل سائل : هل كان غير القرآن من كلامه تعالى معجزا ، كالتوراة والانجيل ، ونحوهما؟
قلنا : ليس شيء من ذلك بمعجز ـ في النظم والتأليف ـ وان كان معجزا كالقرآن ، فيما يتضمن من الأخبار بالغيوب.
وذلك : لأن الله تعالى ، لم يصفه بما وصف به القرآن.
ولأنه : لم يقع التحدي به ، كما وقع بالقرآن.
ولأن ذلك اللسان ، لا يتأتى فيه من وجوه الفصاحة ، ما يقع به التفاضل الذي ينتهي الى حد الاعجاز.
قال ابن جني ـ في قوله تعالى ـ : (قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقى) ـ : ان العدول عن قوله : «واما ان نلقى» لفرضين :
احدهما : لفظى ، وهو المزاوجة لرؤوس الآي.
والآخر : معنوي ، وهو انه تعالى ، اراد ان يخبر عن قوة (نفس السحرة) واستطالتهم على موسى ، فجاء عنهم بلفظ اتم ، واوفى