السليقة المستقيمة ، والذوق السليم ، الذي كان مركوزا في طبايعهم القويمة في مضمار الفصاحة والبيان ، بحيث صار التقدم في ذلك المضمار من اعلى الكمالات وارقاها ـ عندهم ـ في ذلك العصر.
وهذا احد الوجوه التي ذكروا لاختصاص النبي (ص) بجعل ـ احدى معجزاته (ص) الكلام ، اعنى : القرآن.
قال سيدنا الاستاد ـ في البيان ، في مقام ان خير المعجزات ما شابه الكمال الراقى في عصر النبى ـ : ما هذا نصه :
المعجز كما عرفت : هو ما يخرق نواميس الطبيعة ، ويعجز عنه سائر افراد البشر ، اذا اتى به المدعى شاهدا على سفارة إلهية.
ومما لا يرتاب فيه : ان معرفة ذلك : تختص بعلماء الصنعة ، التى يشابهها ذلك المعجز ، فان علماء اي صنعة اعرف بخصوصياتها ، واكثر احاطة بمزاياها ، فهم يميزون بين ما يعجز البشر عن الاتيان بمثله ، وبين ما يمكنهم.
ولذلك : فالعلماء أسرع تصديقا بالمعجز ، اما الجاهل : فباب الشك عنده مفتوح على مصراعيه ، ما دام جاهلا بمبادي الصنعة ، وما دام يحتمل ان المدعى قد اعتمد على مبادي معلومة ، عند الخاصة من اهل تلك الصنعة ، فيكون متباطئا عن الاذعان.
ولذلك : اقتضت الحكمة الالهية ، ان يخص كل نبي بمعجزة تشابه الصنعة المعروفة في زمانه ، والتي يكثر العلماء بها من أهل عصره فانه اسرع للتصديق ، واقوم للحجة.
فكان من الحكمة ان يخص موسى عليهالسلام : بالعصا واليد البيضاء ـ لما شاع السحر في زمانه ، وكثر الساحرون ، ولذا كانت