بسائر الوجدانيّات من اللّذة والألم والحرّ والبرد والجوع والشّبع ، فلا يكون عاريا عن جميع العلوم (١) ، وأجيب بأنّ الشّعور بخصوصيّة الذّات إدراك جزئي (٢) ولا يسمّى علما ، لكنّه إذا طلب بعد العلم بتلك الخصوصيّة ماهيّة ذلك على وجه كلّي فهناك يسمّى علما ، مثل أن يعلم أنّ نفسه جوهر مجرّد قائم مفارق ، وهذا المجموع امور كلّية ، وكذلك الوجدانيّات ليست علوما ، بل هي من قبيل الإدراكات الشّبيهة بالإحساسات في كونها جزئيّة ، والعلوم إدراكات كلّية ، فلا يرد الإشكال على أنّ المصنّف لم يقل : إن النّفس خالية عن العلوم ، بل صرّح بخلوّها عن جميع العلوم ، والمراد أنّها خالية في مبدإ الفطرة عن جميع العلوم لا عن كلّ واحد (٣) ، كما نبّه عليه شارح المطالع (٤) رحمهالله بتأكيد العلوم بقوله : كلّها ، فلا يتوجّه
__________________
(١) خلوه عن كل العلوم مما اختلف فيه كلماتهم ، ولا طريق لنا في استكشاف الحال الا الأدلة السمعية ، ويستشم من بعضها كونه عالما بالأسر لكن لا بالفعل.
(٢) ويطلق على الإدراك الجزئى المعرفة ، وغير خفى أن اتصاف الإدراك بالكلية والجزئية باعتبار المتعلق.
(٣) مراده أن المقام من باب نفى العموم لا عموم النفي.
(٤) هو العلامة المحقق المدقق في العلوم العقلية والنقلية والرياضية قطب الدين محمد الرازي البويهي صاحب كتاب المحاكمات وشرحي المطالع والشمسية وغيرها ، وكان من تلاميذ مولانا العلامة المصنف وابنه فخر المحققين ، توفى سنة ٧٦٦ وقيل سنة ٧٧٦ ، وله ذرية مباركة فيها العلماء والفقهاء والأدباء والحكماء ، وبالجملة كان المترجم من نوابغ الشيعة الامامية وممن يفتخر به ، والعجب كل العجب من بعض أرباب التراجم حيث زعم كون الرجل من علماء العامة ، ولله در شيخ مشايخنا ثقة الإسلام النوري في خاتمة المستدرك حيث أزاح العلة وأبان غفلة ذلك المؤلف في حسبانه ، عصمنا الله تعالى من الزلل في القول والعمل ، ويروى عن قطب الدين جماعة من فطاحل العلم من الفريقين العامة والخاصة.