وعطف التّرجيح على التّقدير خلط وتلبيس لا يخفى على الطافي (١) والرّاسب (٢)
قال المصنّف رفع الله درجته
ومنها مخالفة المحسوس (خ ل وهي) وهو إسناد أفعال العباد إلى تحقق الدواعي وانتفاء الصّوارف لأنّ الطاعات حسنة والمعاصي قبيحة ، وأنّ الحسن جهة دعاء والقبح جهة صرف ، فيثبت لله تعالى في الطاعة دعوى الداعي إليها ، وانتفاء الصارف عنها ، وفي القبيح ثبوت الصارف ، وانتفاء الداعي ، لأنّه ليس داعي الحاجة لاستغنائه تعالى ، ولا داعي الحكمة لمنافاتها إيّاه ، ولا داعي الجهل لإحاطة علمه به ، فحينئذ يتحقق ثبوت الدّاعي إلى الطاعات وثبوت الصّارف في المعاصي ، فثبت إرادته للأول وكراهته للثاني «انتهى».
قال النّاصب خفضه الله
أقول : إسناد أفعال العباد إلى تحقّق الدّواعي وانتفاء الصّوارف ، لا ينافي سبق إرادة الله تعالى لأفعالهم وخلقه لها ، لأنّ الاسناد بواسطة الكسب (٣) والمباشرة ،
__________________
(١) طفى يطفو طفوا وطفوّا : على فوق الماء.
(٢) رسب الشيء في الماء : سقط الى أسفله.
(٣) قد مر الكلام مشبعا في مسألة (الكسب) وان هذا المخترع بأي معنى فسر لا يسمن ولا يغنى من جوع وان شناعة الجبر وسائر التوالي الفاسدة التي تترتب على هذه المقالة لا تندفع بالالتزام بالكسب الغير الكاسب والمكتسب ، ومن أمعن النظر وأجال البصر في خبايا كلمات الرازي في الأربعين والغزالي والشريف في شرح المواقف والاصفهانى في شرح المقاصد وأبى عذبة في الروضة البهية ، ظهر له غاية الظهور أنهم مضطربون في تفسير هذا الكسب المخترع في قبال العدلية فما أجدر المثل المشهور لم تقول شعرا عريا عن الوزن حتى تضطر الى اختراع بحر ووزن له؟ اللهم احرسنا عن الزلل بجاه نبي الهدى واله مصابيح الدجي.