أقول :
قد سبق أنّ ذلك المنع مكابرة ، وما استند به على كون الأمر في تلك الصورة أمر حقيقة بأنّه إذا أتى العبد بالفعل يقال : امتثل أمر سيّده مدفوع ، بأنّ ذلك لا يكفي في حصول حقيقة الأمر ، بل لا بدّ أن يكون ذلك المأمور به مرادا ، ولو كفى صورة الأمر وصدق الامتثال في ذلك ، لزم أن يكون الخبر المراد به الأمر اتّفاقا كقوله تعالى : (وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) (١) الآية. خبرا حقيقة ، لأنّه إذا سمعه المخاطب يحكم بأنّه كلام خبري مشتمل على النّسبة التّامّة ، وبطلانه ظاهر.
قال المصنّف رفع الله درجته
ومنها مخالفة (٢) النصوص القرآنيّة الشاهدة بأنّه تعالى يكره المعاصي ويريد الطاعات كقوله تعالى : (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ) (٣) (كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً) ، (٤) (فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ ، وَإِنْ
__________________
(١) البقرة. الآية ٢٢٨
(٢) وكذا الروايات النبوية التي أودعوها في كتبهم بحيث لا يمكن إنكارها ، ورأيت من علمائهم من يؤولها بتأويلات باردة تستمجها الطباع السليمة والسلق المستقيمة هذا حال ما عندهم من الأحاديث وأما ما عندنا من الاخبار في هذا الشأن فهي كثيرة عددا ناصة دلالة صحيحة سندا ، وان شئت الوقوف على ذلك والتطلع بما هنا لك فراجع الكافي والتوحيد وغيرهما عصمنا الله من الزلل وايقظ المخالف من سنة الغفلة او نومة الأرنب والثعلب آمين آمين.
(٣) المؤمن. الآية ٣١
(٤) الاسراء. الآية ٣٨.