تعالى عن علمه ، واحتياجه إليه وهو جائز عند الأشاعرة فتذكر.
قال المصنّف رفع الله درجته
ومنها أنّه تلزم منه الطامّة العظمى والدّاهية الكبرى عليهم ، وهو إبطال النّبوات بأسرها ، وعدم الجزم بصدق أحد منهم ، بل يحصل الجزم بكذبهم أجمع ، لأن النّبوة إنّما تتمّ بمقدّمتين ، إحداهما : أنّ الله تعالى خلق المعجزة على يد مدّعي النّبوة ، لأجل التّصديق ، والثانية : أنّ كلّ من صدّقه الله تعالى فهو صادق ، ومع عدم القول بإحداهما ، لا يتمّ دليل النّبوة فانّه تعالى لو خلق المعجزة لا لغرض التّصديق لم تدلّ على صدق المدّعي ، إذ لا فرق بين النبي وغيره ، فانّ خلق المعجزة لو لم يكن لأجل التّصديق لكان لكلّ أحد أن يدّعي النّبوة ، ويقول : إنّ الله تعالى صدّقني لأنه خلق هذه المعجزة ، وتكون نسبة النبي وغيره إلى هذه المعجزة على السّواء ، ولأنه لو خلقها لا لأجل التّصديق لزم الإغراء بالجهل ، لأنّه دالّ عليه ، فانّ في الشاهد لو ادّعى شخص ، أنّه رسول السلطان ، وقال للسلطان إن كنت صادقا في دعوى رسالتك فخالف عادتك ، واخلع خاتمك ، ففعل السلطان ذلك ، ثمّ تكرر هذا القول ممّن يدّعي رسالة السلطان ، وتكرر من السلطان هذا الفعل عقيب الدعوى ، فانّ الحاضرين بأجمعهم يجزمون بأنّه رسول ذلك السلطان ، كذا هاهنا إذا ادّعى النبي الرّسالة ، وقال : إنّ الله تعالى يصدقني بأن يفعل فعلا لا يقدر النّاس عليه مقارنا لدعواه ، وتكرر هذا الفعل من الله تعالى عقيب تكرر الدعوى فانّ كل عاقل يجزم بصدقه ، فلو لم يخلقه لأجل التّصديق لكان الله تعالى مغريا بالجهل ، وهو قبيح لا يصدر عنه تعالى ، وكان مدّعي النّبوة كاذبا ، حيث قال : إنّ الله تعالى خلق المعجزة على يدي لأجل تصديقي ، فإذا استحال عندهم أن يفعل لغرض كيف يجوز للنبي هذه الدعوى؟ والمقدمة الثانية : وهي أنّ كلّ من صدقه الله تعالى فهو صادق ممنوعة عندهم أيضا ، لأنّه يخلق الإضلال والشرور ، وأنواع الفساد ، والشرك