بخلقه ، وأنت تعلم أنّه لا يشك ذو مرّة (١) أنّ علمه تعالى (٢) بالممكنات والغايات المترتّبة عليه صفة ذاتيّة وفعله موقوف على صفة ذاتيّة وكم من الصّفات الذّاتية موقوفة على صفة مثلها و (تَعالى (٣) جَدُّ رَبِّنا) عن أن يحصل له بواسطة شعوره بغاية الشّيء شوق وانفعال في ذاته الأقدس كما في الحيوانات «انتهى كلامه».
ولا يخفى أنّه كما يدلّ على أنّ كلام الأشعريّ في هذه المسألة مبنيّ على قياس لا أساس له يدلّ على أنّ ذلك القياس قياس الغائب على الشّاهد ، مع أنّ أهل السّنة لا يجوّزون ذلك فتأمّل ، فانّ الفكر فيه طويل ، والله الهادي للسبيل ، وأما ما ذكره من الجواب الذي سمّاه تحقيقيا فبطلانه ظاهر ، لأنّه مع منافاته لما ذكروه في بحث الحسن والقبح من أنّه ليس في الأفعال قبل ورود الأمر
__________________
القائلة ببطلان قيام الحادثات بذاته تعالى : بأنه يلزم تأثره تعالى من غيره حيث أجيب عنه في بعض حواشي التلويح في بحث المقدمات الأربع : بأنه ان أراد أنه تعالى لا يتأثر عن غيره أصلا فممنوع ، وان أراد أنه لا يتأثر عن غيره في الوجود فمسلم ، لكن لا نسلم (لا يخفى خ ل) انه يلزم هذا التأثر على تقدير قيام الحادث بذاته تعالى ، وأيضا لو صح هذا الدليل لزم أن لا يتصف الواجب بالنسب المتجددة لأنها أيضا توجب التأثر والتغير في الذات (انتهى) فتأمل فيه. منه «قده».
(١) المرة بالكسر : أصالة العقل. وبالضم الخلط الصفراوي وضد الحلاوة.
(٢) حاصله : أن علمه تعالى بالممكنات والغايات المترتبة عليها صفة له تعالى فلو توقف فعله تعالى عليها لا يلزم استكماله عن الغير ، بل اللازم توقف فاعليته على بعض الصفات ولا محذور فيه ، لان صفات الذات بعضها متوقفة على بعض كالقدرة على العلم والحياة ، فلا يلزم من توقف فاعليته التي هي صفة اضافية على العلم محذور. منه «قده»
(٣) اقتباس من قوله تعالى ، في سورة «الجن» الآية ٣ : (وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً).